تاريخ ومزارات

كنيسة مجدو.. كيف كشفت عن تاريخ مجهول للمسيحية في فلسطين؟

كشف سجناء فلسطينيون في سجن مجدو عن أقدم كنيسة في فلسطين. مجدو هي مدينة تاريخية تسمى بالعبرية بأرمجدون أو جبل مجدو. تقع في شمال فلسطين بالقرب من الناصرة وتبعد نحو 32 كلم عن حيفا الحالية. تشير الكتاب المقدس إلى أنها موقع المعركة الأخيرة بين الخير والشر. اليوم، تحيط بها مزارع وتضم سجناً صغيراً يقيم فيه الفلسطينيون.

كنيسة مجدو في فلسطين

عندما كان السجناء، البالغ عددهم 60، ينظفون أرضية السجن استعداداً لتوسعته، اكتشفوا لوحة بها كتابات يونانية. استدعوا علماء الآثار الإسرائيليين الذين تبين لهم أن اللوحة تحمل اسم يسوع المسيح وأن هناك لوحة أخرى بها رسم لسمكتين. وكانت السمكة هي الرمز الذي اختاره المسيحيون الأوائل لنفسهم. خلص العلماء إلى أن اللوحتين كانتا جزءاً من كنيسة بنيت في القرن الثالث الميلادي، مما يجعلها أول كنيسة بنيت في الأراضي المقدسة.

بعض الناس شكوا في وجود كنيسة من هذا العهد لأن المسيحيين لم يحصلوا على الحق في بناء أماكن عبادة حتى عام 313 م، أي في بداية القرن الرابع، عندما سمح الإمبراطور الروماني قسطنطين للمسيحيين بممارسة شعائرهم الدينية علناً. وكان المسيحيون قبل ذلك يصلون سراً في أماكن عادية. وقال جو زياس، الأمين السابق لسلطة الآثار الإسرائيلية، إن الموقع ربما كان قصراً أو بناء رومانياً قديماً تحوله المسيحيون لاحقاً إلى كنيسة بعد أن استخدموه لفترة طويلة كمركز سري لصلواتهم الدينية.

تفاصيل الموقع

استمر العمل للكشف عن تفاصيل الموقع لثمانية عشر شهراً وظهرت النتائج النهائية في أوائل نوفمبر 2005. اللوحتان محفوظتان بشكل جيد والكتابات على إحداهما واضحة. وهي تقع فوق أرضية المبنى الذي يبلغ طوله عشرة أمتار وعرضه خمسة أمتار. وهي مغطاة بالفسيفساء الحجرية السوداء والبلاط الأبيض بأشكال هندسية جميلة متناسقة. تزين إحدى اللوحتين رسم لسمكتين، أي رمز المسيحيين الأوائل، بينما تحمل اللوحة الثانية الكتابات اليونانية التي تذكر اسم يسوع المسيح بوضوح. وفي وسط الأرضية حوض كبير يعتقد أن المؤمنين استخدموه للصلاة فيه.

في مكان آخر كتابات تقول “إن أكيتوس حبيب الله قدم هذه اللوحة تذكاراً للرب يسوع المسيح”. وهناك كتابات أخرى تقول في إحداها إن الضابط الروماني غيانوس دفع تكلفة اللوحتين من ماله الخاص. وأثارت هذه الإشارة شكوك بعض علماء الآثار الذين تعجبوا كيف أن ضابطاً رومانياً جرأ على الكشف عن دفعه تكلفة اللوحة في وقت كانت السلطات الرومانية تحظر على المسيحيين الصلاة علناً.

يقر المسيحيون أن أقدم الكنائس في الأراضي المقدسة هما كنيسة المهد التي بنيت في المكان الذي ولد فيه المسيح وكنيسة القيامة التي بنيت في المكان الذي صلب فيه المسيح ودُفن. لذلك يتساءل بعض المؤرخين كيف تجاهلت الكنائس المسيحية ومصادرها العديدة ذكر كنيسة في مجدو هي أقدم من الكنيستين المذكورتين.

وسيظل هذا السؤال موضوع بحث لسنوات مقبلة حتى تتضح حقيقة كنيسة مجدو. وبين اليوم وغدٍ أضافت السلطات الإسرائيلية كنيسة مجدو إلى قائمة المواقع الأثرية على أمل استغلالها في جذب السياح والمهتمين. كما قامت مدينة مجدو على حافة سهل يزرعيل الذي يطل على الممر الرئيسي بين تلال الكرمل. وشهدت هناك معارك كثيرة بين الكنعانيين والعبرانيين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى