“فى ستين داهية”.. حكاية مقولة يعود أصلها لصراع بين قبيلتين من العرب
أميرة جادو
“في ستين داهية”، من العبارات التي يمكن أن تتردد على مسامعنا كثيرا هنا وهناك، يقولها أحدهم للتعبير عن عدم المبالاة عما ضاع وفات، لكن هل فكرت يوما أن هذه العبارة ظلمها كثيرا ناطقوها حتى وضعوها في غير موضعها؟ بل هل فكرت حقا أنها عبارة أطلقت على مدح من فات والتفخيم منه؟ فالأمر قصة وللعبارة حكاية.
أصل العبارة
يرددها العرب على عاداتهم في نقل الأخبار والأقوال والمأثورات عن بعضهم، ولكن تصبح هذه العبارة بشكل آخر إذا كانت على غير سبيل المزاح، إلا أننا عندما نعود إلى ما قبل أكثر من ألف وربعمائة عام وقبل ظهور الإسلام نجد هناك أصلا لتلك العبارة وحكايتها.
صراع “مدحج” و”همدان”
بدأت القصة قبل ظهور الإسلام في اليمن بشبه الجزيرة العربية، فهنالك الحروب كانت مشتعلة بين قبيلتين من العرب هما “مدحج” و”همدان”، لكن النصر كان حليفا دائما للقبيلة الأولى مما اضطر الثانية للجوء إلى منطقة فارس في هضبة إيران حيث كان الفرس هناك، استعانت “همدان” بالفرس لإعداد الخطط والترتيبات للإيقاع بـ”مدحج” وكبار مشايخهم.
خطة ولدت منها العبارة
الهمدانيون مع الفرس أعدوا الخطة لاستدراج مشايخ قبيلة “مدحج” الذين عرفوا بالذكاء والدهاء وكأنهم يريدون طرح فكرة للحوار والصلح بدون حمل السلاح، هنا وقع 60 شيخًا من كبار مشايخ قبيلة “مدحج” في الفخ صدقوا الفكرة فوقعوا في شركها، وبمعاونة الفرس قتل الهمدانيون مشايخ “مدحج” ثم تفرقت بعدها القبيلة.
بطل الحكاية
إلى بطل القصة ومن بدأت عنده الحكاية، فكان أحد فرسان قبيلة “مدحج” هو الصحابي قيس بن مكشوم، الذي قرر الثأر لقومه ولمشايخ قبيلته الذين قتلهم أبناء قبيلة همدان، فما كان منه إلا أن أخذ بالثأر وأمعن فيهم القتل، وعندما عوتب في الأمر وسئل عن سبب قتله لهذا العدد الكثير أجابهم بأن هؤلاء قتلتهم جميعا للثأر “في ستين داهية” من قبيلتي.