المزيد

عادات العرب في الميراث قبل الإسلام: دراسة في التاريخ الاجتماعي

 

عادات العرب في الميراث.. الميراث هو نقل المال أو الممتلكات من شخص متوفى إلى شخص أو أشخاص آخرين يسمون الورثة. وقد كانت عادات العرب في الميراث قبل الإسلام مختلفة عن الأحكام الشرعية التي نزلت بعد ظهور الإسلام، والتي تضمنت توزيع الإرث بالتساوي والعدل بين الورثة من ذوي القرابة والأسباب.

الميراث عند العرب البدو

كانت العرب البدو تعيش في شبه الجزيرة العربية في ظروف صعبة من قحط وجفاف وحروب قبلية، وكان مصدر رزقهم الرئيسي هو تربية المواشي والغنائم التي يأخذونها من قبائل أخرى. لذلك كانت عاداتهم في الميراث تعكس هذه الظروف، فكانوا يورثون فقط الذكور من أقارب المتوفى، ولا يحصل الإناث أو غير المحاربين من الذكور على شيء من الميراث. كما كانوا يستثنون من الميراث بعض أنواع المال، مثل السلاح والدرع والخيل، فهذه تورث فقط إلى أولاد المتوفى أو إخوته، لأنهم يحتاجونها للقتال والدفاع عن قبيلتهم. وكان لولي أمر المتوفى سلطة كبيرة في تقسيم الميراث بين الورثة. وكان يمكنه أن يضع شروطاً أو يغير في التقسيم بحسب مصلحة القبيلة.

الميراث عند العرب الحضر

كانت العرب الحضر تعيش في مدن وأسواق تجارية في شمال وجنوب شبه الجزيرة العربية. وكان مصدر رزقهم هو التجارة والزراعة والصناعة. لذلك كانت عاداتهم في الميراث أكثر تنوعاً وتطوراً من عادات العرب البدو. فكانوا يورثون بعض الإناث من أقارب المتوفى، مثل بناته أو زوجاته أو أخواته، لكن بنصيب أقل من نصيب الذكور. كما كانوا يورثون جميع أنواع المال، مثل الأملاك والأسهم والديون والأدوات والأثاث. لأن هذه تعتبر مصادر دخل وثروة للورثة. وكان لولي أمر المتوفى سلطة أقل في تقسيم الميراث بين الورثة. وكان يجب عليه أن يحترم الوصية التي يكتبها المتوفى قبل وفاته. إذا كانت موجودة.

الإصلاحات الإسلامية في الميراث

بعد ظهور الإسلام، نزلت آيات المواريث في القرآن الكريم. والتي حددت نصيب كل وارث من ذوي القرابة والأسباب من مال المتوفى، بحسب درجة قرابته وجنسه وعدده. وألغت هذه الآيات كل العادات الجاهلية التي كانت تظلم بعض الورثة، مثل حرمان الإناث أو الأقارب البعيدين أو الأولاد غير الشرعيين من الميراث. كما حددت هذه الآيات نسبة للوصية التي يمكن للمتوفى أن يكتبها لمن يشاء من غير الورثة، بشرط ألا تزيد عن ثلث ماله. وجعلت هذه الآيات الميراث حقاً مقدساً لا يجوز التلاعب به أو التغيير فيه، وأمرت بضرورة تقسيمه بالعدل والإنصاف بين الورثة. وكان هذا إصلاحاً عظيماً في التاريخ الاجتماعي للعرب قبل وبعد الإسلام.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى