كتابنا

تعرف على قبيلة بنـو جَمِيـل

تعرف على قبيلة بنـو جَمِيـل

تعد قبيلة بنـو جَمِيـل قبيلة عربية عدنانية ذات شوكة ونفوذ ، تكونت في بلاد الشام ثم نزحت الى العـراق عبر جزيرة سنجـار، بحـدود القرن العاشر الهجـري ، ثم استقـروا في منطقة الجزيرة غرب سامـراء ، وهي من قبائل البادية وأهـل ابل وتسمى ابلهم “الحـيز” وهي معـروفة لدى القبائل الاخرى ، نخوتهم “اولاد منصـور” تمتاز القبيلة بالشـدة والبأس وقد جعلت ظروف البداوة رجالها في صراع دائم مع الموت ، بسبب احـداث الغزو والسلب والنهب وعدم الاستقرار الدائم في حياة القبائل البدوية في الشام والجزيرة العربية في تلك الحقبة الزمنية .

وعند نزوح هؤلاء الى العـراق ، وبسبب ضيق المكان الـذي مالوا اليه فقد حـدثت معـارك كبيرة مع الامارات والقبائل الاخـرى ، دفعـتهم الى تجـريد سيوفهم ومقاتلة جيرانهم في كل الاتجـاهات فاستولوا على مسـاحات واسعة امتدت من جنـوب مدينة بلد الى شمال تكريت بعد قضـائهم على “امارة عبـادة” التي كـانت فيها(۱) و (۲) وتوسعــوا شرقا حتى وصلـوا الضواحي القــريبة مـن كركوك ، واسسـوا امـارة بني جميـل في مطلع القـرن الحـادي عشـر للهجـرة وكان اول امير لها راشد بن قطن بن عامود بن عبد الجليل بن صالح بن زيد العجاج .

 

وقـعـة بنـي جَمِيــل

لم تتوقف غزوات بني جميل ، حتی قطعوا الطـريق على الـدولة العثمانية الذي يربط بغـداد بالمـوصل عند مروره بالجــزيرة غرب سامراء وانتفضوا على قوافلها وسلبـوها وابدوا عـدم الاذعان الى باشـوات بغداد وتمردوا على سلطانها نفسه والقيام بحملة عسكـرية على امـارة بني جميـل في العام ۱۷۲۴(ميلادية) ووقعـت معـركة مما حدا بالوالي العثماني الى تشكيـل حلف عسكـري من عشائر الديـرة من العبيد والجبور والجغايفة واللهيب وطي وغيرهم ودعم هذا الحلف بجيش جـرار من السلطة التركية يقوده الوزير احمد باشا كبيرة وشهيرة سميت بـ (وقعة بني جميل) وسماها العامة بـ (دكة المهيجير) نسبة الى اسم شيخ القبيلة انذاك .

وفي هــذا الصدد يقــول النسابة عباس العـزاوي (ورد الوزير احمد باشا سنة ۱۷۲۴م قادمــا من همدان الى بغـــداد ولم يبق فيها غيــر ليلة وصبـاح عبر دجـلة قاصــدا بني جميــل ووصل اليهـــم اليوم الثالث وقـد هاجمهـم على حيـن غـرة فلم يحجـمـوا عن مقاتلته ، ودامـت المعـركة امدا ليس بالقصير ، وكانت الحـرب طاحـنة والقتال عنيفا ثم ولـوا الادبار ، ولم ينـج منهــم الا القليل فغنمت الجيوش اموالهــم ، لكـن الوزير رعى الاهالي وصان الاعراض وحينئـذٍ رجـع الوزير الى بغـداد ، فامتدحه السيد عبد الله امين التقوى والشيخ حسين الراوي امام الجيش) (۳)

وفي مكان اخر مـن نفـس المصـدر يقـــول المرحـوم العزاوي (۴) (عشيرة بني جميـل في اطـراف الدجـيل ، وكـذا في مهـروت (ديالى) كانوا قـد اعتادوا الغارة والنهـب ، ولهـذا ذهب الوزير بنفسه اليهم فعاقبهم بما يستحقون.

كانت تلك الحملة العثمانية شديـدة التأثير على “بني جميــل” فـقد قتلت شيخـهـم مهيجير وتكبدوا خـسائر جسمية ونهـبت اموالهــم ، وأما ابلهــم المسماة “الحيـز” فقد سلبتها بعض القبائــل التي شاركت الجيش العثماني ! وما يزال الجَمِيلي ينتخي (أولاد منصور لا كطعتوا) عند مروره بالقرب من تل مهيجير شمال غرب سامراء .

وحــول تلك الوقـعـة ذاتها ، كتب المستـر ستيفل هيمسلي لونكريك ، في كتابه الموســـوم “اربعة قرون من تاريخ العراق الحديث” (۵) نقله الى العربية جعفر الخياط مايلي :

عـمـت الفـوضى في وسط العــراق ، وبـرزت الاطماع المنشــودة بيـن القبائل الطليقة وكان مــن الطبيعي ان تتكـون “حكومة عشائرية” من المـدن المقدسة الى ديار بكر على ان هـذه الفوضوية قد ازيلت بزيارة عاجلة للعــراق قام بها احمد باشا من الجبهة في ۱۹۲۴م فـعـوقب “بني جميل” بشدة ، ثم صفح عنهم صفحاً حكيماً .

يقول بنو جميــل ان اجدادهــــم قاومــوا باشا عثمانياً ومجموعة من العشائــر المتحالفة معـه ولم (يعـطــوا كسيـرة) وان عشائـرهم كانت قـد استماتت في الدفـــاع عن اعـراض القبيلة وامــــوالها واراضيها الا انها كانت معـركة غيـر متكافئة العـدة والعـــدد وان اختلفت من حيث نوعية الرجـال وبما معــروف عن بني جميـل من رجال ذوي بأس وشــدة في القتال وما يتمتعـون به من معنوية عالية وكانت نخوتهم “عيال منصور” تلهب الحماس فيهم وتمنحهم الثقة بالنصر ، ولكن (الكثرة غلبت الشجعان) كما يقــول المثل ، فأثــروا الانسحاب عبر دجلة شـرقاً وشمالاً بعد ان تعهد لهـــم الوزير احمد باشا بالمحافظة على الاهلين “من غير المقاتلين” وصيانة الاعراض .

ولما كان القتال يجــري حسب دور عشائرهم الرئيسية وبقيادة الفرسان مـن ابنائها ، فقد انسحب الصـوالح ومعهـــــم اخرين نحـــو ضواحي كركــوك والحــويجة والبعـض نحـــو ديالى (الخالـص – بعقوبة – مندلي) وهناك فروع منهم توجهت نحو الشام (دمشق – فسطين – عمان) عبر وادي حوران مـوطـن القبيلة الام (۶) بينما بقي ثلة منهـم في نفس المنطقة (اطراف بلد وسامــراء) مـن ذراري راشــد وعبد الجليل وصالح البصير وغيرهـــم . اما عشيرة “الندا” (۷) وهم ذرية صعــب وسليمان ابني شمــردل بن منصـــور بن سید جمیل فقد توجـهـت نحـــو ديالى واستقـــرت شمال مندلي كما هاجر بعض ابنائها الى جنوب العراق ، واستقر آخرون في بغداد .

واما عشيرة المكادمــة وهم من ذرية مقدام بن شمــردل بن منصــور بن سید جمیل فقد توجهـوا نحـــو ناحية الدجـيل وبلد والشيخ جميــل والعبايجي شمال بغـــداد ، وعبر آخرون نحـــو الخالص وبعقوبة .

اما ذرية علی بن سید جمیل فمنهم من استـقـر حـول منطقة الاسحاقي وبلد ومنهم مـن عبـر دجلة وسكـن العثمانية وبني سعد والمشيـرية في بعـقـوبة وبزايز خريسان في ديالى و انتشــر بقية بني جميل مـن ذرية خالد بن منصور من عشائر المنديل و النافع و الحامـد و غيرهم في محافظة ديالى و ضواحي كركـوك و منهــم في اماكـن اخرى من العراق .

و بايجاز كان الوضـع العام لقبيلة بني جميل بعد تلك الحملة العسكرية العثمانية قد ادى الى انتشار القبيلة في الاقسام التالية من العراق:

أ- كركوك وضواحيها .

ب- ديالى وضواحيها .

ج- بلد وسامراء وضواحيها .

د- عاد قسم كبير منهم الى بلاد الشام عبر وادي حوران كما اسلفنا

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى