كتابنا

مريم مهران تكتب..

لا يظلم الناس مثقال ذرة

 

مقال أعجبنى وأردت أن أسرده لعلنا جميعًا نتعلم منه أن الله عزّ وجلّ لا يظلم وما يكتبه لنا ما هو إلا الخير، وله فى كل ما يحدث لبني البشر حكمة لا يعلمها إلا سواه. حادثة جرت منذ سنوات .. اثنان تشاجرا في سوق من أسواق دمشق..أحدهما معه سلاح فأطلق رصاصة فأخطأت خصمه.. وهناك من سمع الشجار فمدّ رأسه من دكانه فجاءت الرصاصة في عنقه قريبًا من عموده الفقري فشُلّ فورا !!!!

 

فاستوقف الشيخ راتب النابلسي رجلا يعرف المصاب من السوق، فقال له: يا أستاذ أنت تحدثنا عن عدالة الله عز وجل، فما صنع هذا الرجل؟، إنه رجل تاجر فتح دكانه ليسترزق ويسعى على عياله وهو يبيع الأقمشة ولا ذنب له سمع شجارا فمدّ رأسه فأصابته رصاصة طائشة في عنقه فشُلّ الرجل!!! فأين عدالة الله؟.

فقال الشيخ النابلسي: والله أنا أعرف أن الله عادل، ولكنك أطلعتني على فصل من فصول حياة هذا الإنسان، ولعلّ له فصولاً لا نعرفها أنا ولا أنت وأنا أسلّم بعدالة الله الحق..

 

سبحان الله.. بعد عشرين يومًا التقى الشيخ النابلسي بصديق له في حي الميدان، فقال له يا شيخ جرت عندنا حادثة غريبة.. لنا جار كان وصيًا على أموال أولاد أخيه الأيتام وبقي لهم معه عشرون ألفًا (ثمن بيت في ذاك الزمن) فرفض أن يعطيهم المبلغ، فشكوه إلى أحد علماء الميدان، فاستدعاه واستدعى أولاد أخيه، فأصرّ على عدم الدفع!!

 

فقال الشيخ: يا بُني هذا عمكم فإياكم أن تشكوه للقضاء، هذه الشكوى لا تليق بكم، ولكن اشكوه إلى الله ربّ الأرض والسماء…هذه الواقعة تمت الساعة الثامنة مساءً وفي اليوم التالي في الثامنة صباحا مدّ الرجل رأسه من الدكان فأصابته رصاصة فشُلّ الرجل!!!!!.

 

يقول الشيخ راتب النابلسي “لا يوجد في الدنيا شيء اسمه رصاصة طائشة أو أمر طائش، وإنما كلٌ بحكمة من الله وعدل… فهمه من فهم… وجهله من جهل… ولنا فيما يحصل في أحيائنا وحياتنا من قذائف وانفجارات وحوادث حكمة بالغة من رب حكيم عادل لا يظلم عنده أحد مثقال ذرة إن خيرًا فخير وإن شرًا فشر.

 

قال تعالى: ( ومن يعمل مثقال ذرة خيرًا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرًا يره). إذا غفلنا عن عدالة الأرض فلا نغفل عن عدالة رب السماء والأرض.

 

خرج موسى عليه السلام يومًا لمناجاة ربه سبحانه، ثم سأل ربه قائلا: يا رب كيف يأخذ الضعيف حقه من القوي؟.

قال له ربه سبحانه: اذهب بعد العصر إلى مكان كذا في يوم كذا.. لترى وتعلم كيف يأخذ الضعيف حقه من القوي. ذهب موسى إلى المكان فرأى شلالاً من الماء يخرج من جبل .

 

جلس موسى ينظر متفحصًا متأملاً، فإذا بفارس يأتي راكبًا ناقة له يريد الماء، نزل الرجل عن ركوبته وخلع حزامه الذي كان يعيق حركته أثناء وروده للماء ووضعه على جانب قريب منه. شرب الفارس واغتسل ثم انصرف ناسيًا حزامه الذي وضعه في مكانه.

 

جاء غلام صغير راكبًا حمارًا إلى شلال الماء، واغتسل وشرب أيضًا، ثم حمد الله تعالى ، وعندما أراد الانصراف وقعت عينه على حزام الفارس الذي كان قد نسيه بجوار شلال الماء. فتح الغلام الحزام ، فإذا هو ممتلئ بالذهب والأموال والمجوهرات النفيسة ، أخذه وانصرف.

 

وبعد ذهابه بقليل، أقبل على الماء أيضًا شيخ عجوز ليشرب ويغتسل، وبينما هو كذلك، جاء إليه الفارس الذي نسي حزامه عند شلال الماء مسرعًا، يبحث عن حزامه فلم يجده ، سأل الفارس الشيخ العجوز: أين الحزام الذي تركته هنا ؟ أجاب الشيخ لا أعلم ولم أرَ هنا حزامًا .

أشهر الفارس سيفه وقطع رأس الشيخ العجوز .

 

كان موسى عليه السلام ينظر ويتأمل ويفكر، قال يا رب: إن هذا الفارس ظلم عبدك الشيخ العجوز .

قال له ربه: يا موسى، الشيخ العجوز كان قد قتل أبا الفارس منذ زمن، أما الغلام فكان أبوه قد عمل عند والد الفارس عشرين سنة ولم يعطه حقه.

 

فسبحان من سمّى نفسه الحقّ ولا تضيع عنده المظالم.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى