حوارات و تقارير

نهضة عمرانية غير مسبوقة.. القاهرة في عهد الناصر محمد بن قلاوون

أسماء صبحي

الناصر محمد بن قلاوون من أشهر سلاطين العصر المملوكي بصفة عامة، والعصر المملوكي البحري بصفة خاصة. تولى الحكم وهو طفل صغير، وتلاعب الأمراء فعزلوه ونفوه، ثم ما لبث أن عاد. ولما بلغ مبلغ الرجال أصبح من أقوى سلاطين المماليك، وحكم ما يقرب من أثنين وأربعين عاما.

القاهرة في عهد الناصر محمد بن قلاوون

وتقول علياء داود، الخبيرة في التراث المصري، إن العاصمة القاهرة بلغت أقصى اتساع لها في زمن سلطنة الملك الناصر محمد بن قلاوون. والذي تولى السلطنة ثلاث مرات في الفترة بين 693و 741 هـ/ 1293و 1341م. فمعاصره ابن فضل الله العمري يذكر أن حاضرة مصر في وقته كانت تشتمل على ثلاث مدن عظام. صارت كلها مدينة واحدة هي الفسطاط والقاهرة وقلعة الجبل.

وتابعت داود: “ترجع إلى سلطنة الناصر محمد بن قلاوون أهم منشآت القلعة. (الجامع والقصر الأبلق والإيوان والقصور الجوانية والسبع قاعات والطبلخاناة تحت القلعة والميدان وأخيراً قناطر مجرى العيون). وفي البر الغربي للخليج حفر الناصر محمد، في سنة 725هـ/1324م، الخليج الناصري. والذي كان يستمد ماءه من النيل إلى الشمال من فم الخليج في مواجهة الحد الشمالي لجزيرة الروضة. ويسير موازياً للخليج على أن يلتقي به شمال جامع الظاهر بيبرس”.

وأضافت داود: “أدى ذلك إلى حكر الكثير من الأراضي التي تقع بين الخليجين وبين الخليج الناصري والنيل. ومنحها إلى الأمراء الذين أقاموا عليها بعض المباني التي صارت نواة لعمران هذه المنطقة الذي تم بصورة واضحة في العصر العثماني”.

وأوضحت الخبيرة في التراث، أن هكذا تجاوزت القاهرة في زمن الناصر محمد بكثير الحدود الأولى للمدينة الفاطمي. وأصبح اسم القاهرة يطلق على ما يحيط به بقايا السور الفاطمي، وحارة الحسينية خارج باب الفتوح وما وراءها إلى الريدانية (العباسية الحالية). وشارع تحت الربع وشارع الدرب الأحمر وأحياء قوصون وطولون خارج باب زويلة. وما وراءها إلى قناطر السباع (السيدة زينب الحالية)، بالإضافة إلى الأحياء الناشئة في البر الغربي للخليج وامتدادها شمالاً إلى منية السرج.

انتقال المركز السياسي للدولة

وأشارت إلى أنه بالرغم من أن الأنشطة التجارية والحرفية قد امتدت إلى كل هذه المناطق. فقد ظلت مع ذلك أساسيات الحياة الاقتصادية متمركزة في القاهرة بحدودها الفاطمية. وعلى الأخص على جانبي قصبة القاهرة أو الشارع الأعظم الذي كان يخترق المدينة ويصل بين باب زويلة في الجنوب وباب الفتوح في الشمال (شارع المعز لدين الله حالياً).

وأدى انتقال المركز السياسي للدولة إلى القلعة تلقائياً إلى إقامة عدد من كبار رجالات الدولة بالقرب من مقر الحكم الجديد. في نفس الوقت الذي انتقلت فيه العديد من الأنشطة الاقتصادية المرتبطة بالنظام العسكري المملوكي من القاهرة لتستقر حول ميدان الرميلة تحت القلعة مثل: سوق الخيل، والجمال وسوق الخيم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى