تاريخ ومزارات

في ذكرى ميلاد صانع النهضة في مصر.. كيف كانت بداية رفاعة الطهطاوي؟

أميرة جادو

تحل اليوم الذكرى الـ 221 على ميلاد واحد من أبرز رواد عصر النهضة الفكرية المصرية رفاعة الطهطاوى، أبن مدينة طهطا إحدى مدن محافظة سوهاج بصعيد مصر، ويعتقد بأن نسبه يعود إلى الإمام الحسين، وهو أحد قادة النهضة العلمية في مصر خلال عهد محمد على باشا.

بداية رفاعة الطهطاوي

كان لـ “طهطاوي”، دور كبير في عصر النهضة المصرية وتمكن من القيام بالعديد من الإنجازات علمية كبيرة، لكن كيف كانت بدايته ونشأته؟

وفقًا لما ذكره المؤرخ الكبير عبد الرحمن الرافعي في كتابه ” شعراء الوطنية”، فإن “الطهطاوي” مصرى صميم، من أقصى الصعيد، نشأ نشأة عادية، من أبوَين فقيرَين، قرأ القرآن، وتلقَّى العلوم الدينية كما يتلقاها عامة طلبة العلم فى عصره، ودخل الأزهر كما دخله غيره، وصار من علمائه كما صار الكثيرون، ولكنه تفوق على غيره، وتفرَّد بالسبق عليهم.

بالإضافة إلى، أن شخصيته تسامت إلى عليا المراتب؛ ذلك أنه كان يحمل بين جنبَيه نفسًا عالية، وروحًا متوثِّبة، وعزيمة ماضية، وذكاءً حادًّا، وشغفًا بالعلم، وإخلاصًا للوطن وبَنيه، تهيَّأت له أسباب الجِد والنبوغ.

فاستوفى “الطهطاوي” علوم الأزهر في ذلك العصر، ثم صحب البعثة العلمية الأولى من بعثات محمد علي، وارتحل إلى معاهد العلم في باريس، واستروح نسيم الثقافة الأوروبية فزادت معارفه، واتسعت مَداركه، ونفذت بصيرته، لكنه احتفظ بشخصيته، واستمسك بدينه وقوميته.

فأخذ من المدنية الغربية أحسنها، ورجع إلى وطنه كامل الثقافة، مُهذَّب الفؤاد، ماضى العزيمة، صحيح العقيدة، سليم الوجدان، عاد وقد اعتزم خدمة مصر من طريق العلم والتعليم؛ فبرَّ بوعده، ووفَّى بعهده، واضطلع بالنهضة العلمية تأليفًا وترجمة، وتعليمًا وتربية.

فانتشرت مؤلفاته ومعرباته في كافة أنحاء البلاد، وتخرَّج على يدَيه جيل من خيرة علماء مصر، وحمل مصباح العلم والعرفان يضيء به أرجاء البلاد، وينير به البصائر والأذهان، وظل يحمله نيفًا وأربعين سنة، وانتهت إليه الزعامة العلمية والأدبية فى عصر محمد علي، وامتدت زعامته إلى عهد إسماعيل، ذلك هو رفاعة رافع الطهطاوي.

نشأة الطهطاوي

ولد في طهطا بمديرية جرجا سنة ١٨٠١م/١٢١٦ﻫ، وبدت عليه مخايل الذكاء والنباهة منذ صباه، ودخل الأزهر سنة ١٨١٧، ولم يمضِ عليه به بضع سنوات حتى صار من طبقة العلماء، وتولى التدريس فيه سنتَين، وصنَّف وألَّف ودرَّس وهو فى الحادية والعشرين من سنه، ثم عيِّن واعظًا وإمامًا فى أحد آلايات الجيش المصري.

ولما جاء عهد البعثات العلمية كان من حسن التوفيق أن اختاره محمد على ضمن أعضاء البعثة الأولى التى سافرت إلى فرنسا سنة ١٨٢٦؛ فجمع إلى ثقافته الأزهرية ثقافة أوروبا وعلومها وآدابها، فاقتبس منها الشيء الكثير، وازدهرت روحه الأدبية على ضوء الحضارة الغربية.

ولما عاد إلى مصر سنة ١٨٣١ تولى عدة مناصب فى التعليم، وأنشأ مدرسة الألسن سنة ١٨٣٦، وكانت أشبه ما تكون بكلية الآداب والحقوق فى مصر، وكان رفاعة يتولى نظارتها ويلقى فيها دروسه على الطلبة؛ فكانت أكبر معهد لنشر الثقافة فى مصر، وتنقَّل فى المناصب العلمية، وكان لا يفتأ يؤلِّف ويخرج من حين لآخر مصنَّفاته ومعرَّباته فى العلوم والآداب إلى أن أدركته الوفاة سنة ١٨٧٣.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى