د. صلاح سلام يكتب..
الهدهد الذى قام ب٦٢ عملية خلف خطوط العدو
هذا هو الاسم الذي أطلقه المدعي العام الاسرائيلي عوزي ايزاك على شلاش خالد عرابي وهو احد ابطال منظمة سيناء العربية والتي اسسها اللواء محمد اليماني وهو أيضا احد أبناء سيناء حيث انخرط فيها كل الوطنيين من مدن القناة وسيناء لتعمل بتخطيط وتنسيق مع أجهزة المخابرات الحربية لتزرع الرجال خلف خطوط العدو اما لنقل المعلومات عن القوات الإسرائيلية وابلاغها للقيادة العامة او لإجراء عمليات نوعية كتدمير الردارات او محطات الانذار او مولدات الكهرباء لاتاحة الفرصة لجنود الكوماندوز للتسلل والقيام بعمليات نوعية..ولم تأتي تسمية الهدهد من فراغ فالرجل كان سريع الحركة حاد البصر ويتمتع ببديهة حاضرة…وقد قام ب٦٢ عملية خلف خطوط العدو مختلفة الاغراض ولكنها محددة الأهداف وقد اصيب في آخر عملية برصاصة في الفك ادت إلى قطع في اللسان ولكن القوة التي قبضت عليه كانت حريصة على علاجة حتى يستطيع أن يتكلم ويوافيها بمعلومات عن الخلايا النائمة والتي كانت تؤرق مضجع العدو الاسرائيلي وفعلا تم نقله إلى مستشفى بئر سبع وبعد الشفاء تم نقله إلى سجن اشكلون ليتم استكمال استجوابه وقد ساموه سوء العذاب من نزع اظافر الى كي بالنار إلى اطفاء السجائر في جسده ..حتى انهم احضروا والده المسن ليرهبوه فقال حتى لو قتلتموه لن اتكلم وسيموت شهيدا …وظل في الاسر منذ ١٩٦٨ حتى تم طلبه في تبادل الأسرى ١٩٧٤ وقد اصيب في اسره بأمراض عدة وكان دائم النزف من قرحة المعدة حيث يكابد ظلمة السجن وقهر السجان وعندما سمحوا له بارسال رسائل عبر الصليب الأحمر الدولي وتلقي رسائل من أسرته وبرغم علمه أن الرسائل يتم مراجعتها ولايسمح بغير الأمور العائلية الا انه كان يكتب عن الحزن الشديد الذي كان يخيم على السجن اثر وفاة زعيم الأمة الرئيس عبد الناصر…وسطر فرحة النصر في اكتوبر وارسلها وكيف خيم الحزن والوجوم والخيبة وكسرة النفس على السجن واعادوا الرسائل اليه مع المزيد من العقاب..أما رسالته الى ” نادية ” ابنته الصغيرة وقد طلب صورتها بملابس المدرسة فقد وصفها بخيال الشاعر وقلم المبدع وبخط واضح منسق.. إذ خاطبها قائلا أن أجمل شئ في حياتي أن أراك على باب المدرسة وما أجمل العقد الذي يزين جيدك ونظرتك الحائرة المكسورة لغياب والدك ..ويخاطبها بأن نجاحها وتفوقها فقط هم من يهونون عليه قسوة السجن وبطش السجن…وبرغم انه لم ينل قسطا وافرا من التعليم الا انه كان يتمتع بقدرات خاصة جعلته يقرأ الكتب ليس بالعربية فقط ولكن بالإنجليزية أيضا وقد كان حريصا على تعلم أبنائه تعليما عاليا… وقد نشرت قصته في كتاب “المخابرات السرية العربية “التي اصدرته احد دور النشر الإسرائيلية ولكن القصة الحقيقية وردت في كتاب لأحد قادة المخابرات الحربية وهو اللواء فؤاد حسين الذي أرخ لبعض البطولات خلف خطوط العدو وقد عاد شلاش إلى وطنه في تبادل الأسرى ١٩٧٤ وقد قابله الرئيس السادات ومنحه نوط الامتياز من الدرجة الأولى كما كرمته الخدمة الخاصة بالقوات المسلحة ومهما كان التكريم فهو معنويا… لكن ما نحته شلاش على جدار الوطن سيبقى شاهدا على العصر يشير بالفخار إلى أبناء سيناء الابطال الوطنيين الذين قدموا الغالي والنفيس من أجل حرية الوطن