محاكم البدو.. تعرف على سمات القضاة في القضاء العرفي
أميرة جادو
تقتصر مهنة القضاة على عائلات معروفة ومحددة من القبائل، وعلى الخاط أو الكاتب أن يشير إلى اسم القاضي وكنيته كي لا يحدث التباس أو تهربًا ومراوغة.
فعند ذكر اسم العائلة فقط قد يذهب أحد الفريقين إلى القاضي المشهور بينما يذهب القبيل إلى رجل آخر من نفس العائلة، فلا يتقابل الطرفان في مقعد واحد وإذا طولب الطرف الذي تخلف عن الحضور عند القاضي الرسمي يسأل القاضي من حضر: (أنتم سميتم) أو (خططتم قضاة مسميين أو مغميين) أي ذكرتم أسماء القضاة بأسمائهم أو بكناهم، فإن قيل من قبل الشهود أنهم مسميون يخسر الغائب القضية أما إذا قال أنهم مغميون يعاد إلى ذكر الأسماء صريحة في بيت الملم، ومعروف أن ميعاد التقاضي “ميعاد فلج” أي أن المتخلف يخسر ويفلج.
سمات القضاة
وفي بعض الأحيان يتهرب ويمتنع القضاة من استقبال القضية والحكم بها، ويتذرعون بالشغل أو المرض وقد يكون من أسباب ذلك المبالغة وتفاهة القضية أو عوج وعدم نزاهة المتقاضين أو الخوف من مجانبة الإنصاف أو خشية الاتهام بالميل لأحد الخصمين، خصوصا إذا كانت هناك صلة قرابة بين القاضي وأحد المتخاصمين، وقد يحيل القاضي المتخاصمين إلى قاض آخر أو إلى أحد أقاربه.
ومن المعروف عن العرب أنهم كانوا لا يفضلون أن يعملوا قضاة خوفًا من الوقوع في الخطأ وظلم الناس (عن أبي هريرة أن رسول الله (ص) قال: “من جعل قاضيا فقد ذبح بغير سكين” وقال مكحول: “لو خيرت بين القضاء وبين ضرب عنقي لاخترت ضرب عنقي” وقد ضرب ابن هبيرة أبا حنيفة نحوا من مئة سوط مفرقة على أن يلي القضاء فأبى).
وإذا كان القاضي مريضًا، يمكن تأجيل الميعاد لموعد آخر أو تحال القضية إلى قاض آخر، أما إذا توفي القاضي يعين رجال القبيلة قاضيا من نفس العائلة ممن لهم خبرة في القضاء ومشهود لهم بالنزاهة وحسن التدبير.
وغالبًا ما نرى القاضي يستشير بعض العقلاء من أهل الخبرة في حق جريمة ما، وأحيانا يرفع الميعاد أياما وأسابيع ليكون لديه متسع من الوقت للمشاورة والتثبت.
لا يتخذ القاضي قرارته إلا في القضايا الجادة والمضمونة والمكفولة. ويتجنب عن هذر الرعيان وعبث الصبية سواء كان ذلك في بيت الملم أو القاضي فالقضاة لا يأخذون بتكهنات العرافين أو المنجمين والسحرة وإنما يتحرون الحقائق العلمية، ويبحثون عن العدل والإنصاف فقالوا: “دورناها ولقيانها والحق الواكد ما عنه” (بحثنا عن الحقيقة ولا مناص من الحق الأكيد).