المصالحة عند العرب.. تعرف على “البدوة” في عرف القبائل البدوية
أميرة جادو
يخرج وفد “البدوة” في حال إذا أساء أحد الناس في حق آخر أو نشب خلاف بين طرفين أو حدث سوء تفاهم سواء بين رجال أو نساء أو أطفال, فالعادة أن يذهب كبير الطرف المسيء إلى بيت الطرف الآخر بنفسه أو مصطحبا جاهة بعد الإساءة مباشرة، كما يلجاؤن إلى ملم أو قاض ويضرب لهم موعدًا، وغالبا ما تحل المشاكل المتعلقة بمشاجرات الأطفال والرعاة.
ما هي البدوة؟
وعادة ما يرسل وفد “البدوة” إلى الطرف المسيء غير معترف بخطئه أو متجاهلا له أو مماطلا في دفع ما عليه, فيرسل صاحب الحق “بدوة” إليه وهم وفد البدوة من رجلين أو ثلاثة وأحيانا من رجل واحد, يذهب الوفد ليبلغ الرسالة بحذافيرها فيقول أحدهم بعد شرب القهوة: “أرسلنا فلان بشأن الطلبة الفلانية فإما أن تعطيه حقه أو تلاقيه عند راعي بيت”.
فإما أن يستجيب ويسد ما عليه أو يقول: “مرحبا به، ما يبدى غير الصاحب, خليه يلاقيني في بيت فلان يوم كذا”. أما إذا لم يكترث للأمر ويبدأ في التسويف، يرسل له صاحب الحق بدوة ثانية فإن استجاب كان بها و إلا يلحقه بثالثة، وفي كل مرة يغير البداؤن, ويشهد الرجل ويودع في كل مرة يرسلها فيقول أمام سمع وجمع “اشهدوا يا ناس ومعكم الوادعة إني أرسلت لفلان بدوة من فلان وفلان كي نجتمع عند راعي بيت ليأخذ كل منا حقه ولكنه لم يكترث ورفض ملاقاتي”.
رفض الصلح
وعقب أرسال وفد البدوة الثالث، فيكون من حق البداي “صاحب الحق” أن يأخذ حقه عنوة دون أن يلحقه جرم في ذلك حسب العرف البدوي، فبإمكانه أن يأخذ حقه بيده إن كان الجرم ضربا أما إذا كان الشيء المتنازع عليه مالا فبإمكانه أن يسق إبلا أو ماشية ويضع يده على ممتلكات عينية ويرهنها ويحجزها عنده حتى يأخذ حقه، وإذا لم يستطيع أخذ حقه بيده أو لم يجرؤ على وسق ماشية فيلجأ إلى رجل ذي شأن ويستجير به ليخلص إليه حقه سواء عن طريق القضاء أو كرها.
والجدير بالذكر، في حال استجابة الطرف المسيء للبدوة، يحدد المكان والزمان ويجتمع الطرفان عند راعي بيت ويطلق عليه اسم الملم، وهو راعي البيت الذي اتفق الطرفان المتخاصمان على الالتقاء عنده للتداول في قضيتهما وحصرها في نقاط محددة.