عائلة ذو الفقار: إرث تاريخي وتأثير ممتد عبر الأجيال

أسماء صبحي 

تعد عائلة ذو الفقار واحدة من أبرز العائلات المصرية التي لعبت دورًا مهمًا في السياسة، الفنون، والقانون على مدار عقود. وتنتمي العائلة إلى الأصول التركية العثمانية، حيث جاءت إلى مصر خلال الحكم العثماني، واستقرت بها منذ القرن السادس عشر. كما ارتبط اسم العائلة ارتباطًا وثيقًا بالحياة السياسية والاجتماعية والثقافية في مصر. مما جعلها جزءًا مهمًا من النخبة المصرية على مدار العصور.

تاريخ عائلة ذو الفقار

يعتقد أن اسم العائلة “ذو الفقار” جاء نسبةً إلى سيف ذو الفقار، السيف الشهير للنبي محمد، الذي منحه للإمام علي بن أبي طالب. واستقر أفراد العائلة في القاهرة، ومع مرور الوقت، أصبح لهم نفوذ في الدوائر السياسية والإدارية. حيث تولى العديد منهم مناصب رفيعة في الدولة العثمانية ثم المصرية. وفي الحقبة المملوكية، حصل بعض أفراد العائلة على ألقاب مثل “باشا” و”بك”، ما عكس نفوذهم داخل المجتمع المصري.

برزت شخصيات عديدة من عائلة ذو الفقار في المجال السياسي. وكان من أبرزهم أحمد باشا ذو الفقار، الذي لعب دورًا مهمًا في الإدارة المصرية خلال فترة الخديوية. كما أن بعض أفراد العائلة تزوجوا من العائلة المالكة، مما عزز نفوذهم السياسي..وكان من أشهرهم زينب ذو الفقار، والدة الملكة فريدة زوجة الملك فاروق الأول.

إلى جانب السياسة، تركت العائلة بصمتها في مجال الفنون، حيث برز المخرج عز الدين ذو الفقار، أحد أهم المخرجين في تاريخ السينما المصرية. وبدأ مسيرته كضابط في الجيش المصري، ثم انتقل إلى الإخراج. حيث أخرج العديد من الأفلام الكلاسيكية التي عكست القضايا الاجتماعية والسياسية في مصر. ومن أبرز أفلامه رد قلبي وبين الأطلال والرجل الثاني.

أما شقيقه، الممثل صلاح ذو الفقار، فقد كان نجمًا سينمائيًا بارزًا في القرن العشرين. وقدم العديد من الأفلام التي حظيت بشعبية واسعة مثل مراتي مدير عام والرجل الثاني والأيدي الناعمة. كما كان ذو الفقار يجسد أدوار البطولة بأسلوب متميز، وجمع بين الكوميديا والدراما والرومانسية، مما جعله واحدًا من ألمع نجوم عصره.

دور العائلة في القانون وحقوق الإنسان

لم يقتصر تأثير العائلة على السياسة والفنون فقط، بل امتد إلى مجال القانون وحقوق الإنسان. وتعتبر منى ذو الفقار واحدة من أبرز المحاميات والناشطات الحقوقيات في مصر والعالم العربي. وهي عضو في المجلس القومي لحقوق الإنسان، وساهمت في صياغة قوانين تتعلق بحقوق المرأة والأسرة في مصر. كما أدرجت في قائمة “أقوى 100 سيدة أعمال في العالم العربي” لعام 2021.

ويقول الدكتور محمود العدل، أستاذ التاريخ الحديث بجامعة القاهرة، إن عائلة ذو الفقار ليست مجرد عائلة عريقة، بل هي مثال حيّ للعائلات المصرية التي امتدت إسهاماتها عبر الأجيال في مختلف المجالات. من السياسة إلى السينما، ومن القانون إلى الحياة الاجتماعية، ظل تأثير هذه العائلة مستمرًا حتى اليوم.

وما يميز عائلة ذو الفقار هو قدرتها على البقاء ضمن النخبة المصرية على مدار أجيال متعاقبة. فمنذ الحقبة العثمانية حتى يومنا هذا، ظلت العائلة جزءًا من تاريخ مصر الحديث. سواء من خلال الإنجازات السياسية، أو الأعمال السينمائية التي لا تزال تعرض حتى اليوم.أو من خلال الإسهامات الحقوقية التي تواصل التأثير على المجتمع المصري.