كتابنا

د. عبدالله الشيخ يكتب..

إنه الله جل جلاله وتقدست أسماؤوه وتعالت صفاته 

إنه الله وليس لنا رب سواه ولا معبود غيره، يقول الله عز وجل في الحديث القدسي الذي يرويه سيدنا ونبينا وقدوتنا محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم عن ربه عز وجل ( ياعبادي، إني حرمت الظلم على نفسي، وجعلته بينكم محرمًا؛ فلا تظالموا، يا عبادي، كلكم ضال إلا من هديته، فاستهدوني أهدكم، يا عبادي، كلكم جائعٌ إلا من أطعمته، فاستطعموني أُطعمكم، يا عبادي، كلكم عارٍ إلا من كسوتُه، فاستكسوني أَكْسُكم، يا عبادي، إنكم تخطئون بالليل والنهار، وأنا أغفر الذنوب جميعًا، فاستغفروني أغفر لكم، يا عبادي، إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني، ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجلٍ واحدٍ منكم، ما زاد ذلك في ملكي شيئًا، يا عبادي، لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجلٍ واحدٍ منكم، ما نقص ذلك من ملكي شيئًا، يا عبادي، لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيدٍ واحد فسألوني، فأعطيت كل واحدٍ مسألته – ما نقص ذلك مـما عندي إلا كما ينقص الـمخيط إذا أدخل البحر، يا عبادي، إنـما هي أعمالكم أحصيها لكم، ثم أوفيكم إياها، فمن وجد خيرًا فليحمَدِ الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه))؛ رواه مسلم.

 

أقول وبالله التوفيق هذا حديث عظيم من الأحاديث القدسية التي تُعلق قلوب العباد بخالقها ومولاها سبحانه وتعالى، وقد ابتدأه الله عز وجل ببيان حرمة الظلم وكون عاقبته وخيمة على صاحبه، ثم استعراض لمسيرة الإنسان في هذه الدنيا وأنه بأمس الحاجة لتعلقه بربه وخالقه ومولاه في سائر أموره في أكله وشربه ومعاشه وكسائه وأنه ينبغي للعبد أن يلجأ إلى الله تعالى عند وقوعه في مصيبة، وكلنا ذاك العبد الخطاء فعلينا أن نفر إلى الله تعالى، نفر إلى رحمته التي وسعت كل شىء ونتذكر بأنه يغفر الذنوب جميعا، بل من واسع رحمته أنه يبدل السيئات حسنات بمنه وفضله وجوده

وعلينا ان نتذكر دائما بان الله هو الغني وحده ونحن الفقراء إليه سبحانه، وإن كل مانصنعه إنما هو لأنفسنا وهو لن ينفع الله عز وجل أو يضره سبحانه وتعالى

وأن ملك الله عز وجل لايزيد فيه أحد ولاينقص منه أحد وهو مالك الملك يُعطي الملك لمن يشاء وينزعه ممن يشاء .

هو الغني سبحانه خزائنه ملأى لاتغيضها نفقة ولا تنقص منها اعطية فلو أن الخلق جنهم وإنسهم اجتمعوا فسألوه سبحانه مسألتهم فأعطى كل واحد من هؤلاء جميعا مسألته مانقص ذلك من ملك الله شيئا وإنما ذكر هنا المخيط على سبيل التقريب للأذهان وإلا فمهما كان العطاء فهو ما ينقص من ملكه شيئاً سبحانه وتعالى فلما نحن بعد هذا كله نترك سؤال هذا الغني سبحانه من بيده ملكوت السموات والأرض..من أمره بين الكاف والنون ونذهب لسؤال فلان ورجاء علان، أي ظلم لأنفسنا هذا الذي نصنعه، والأمر كما صوره القائل

“لا تسألن بُنيَّ آدم حاجةً

و سل الذي أبوابه لا تُحجبُ

الله يغضبُ إن تركت سؤاله

و بُنَيَّ آدم حينَ يُسألُ يغضب”

ثم هاهي خاتمة المطاف وخلاصة هذه الحياة وفلسفتها كما يُقال ..”ياعبادي انما هي أعمالكم”، فأنت أيها العبد من أعطاك الله الفطرة السليمة والعقل الصحيح الذي تفرق به بين الحق والباطل ثم أعطاك الإرادة والقدرة على الفعل والترك وبعد هذا أرسل إليك أفضل رسله وخاتمهم سيدنا ونبينا وقدوتنا محمد بن عبدالله صلوات ربي وسلامه عليه، وانزل عليه افضل كتبه وهو القرآن الكريم، فكانت هذه البعثة نور على نور وكانت طريقه صلوات ربي وسلامه عليه هي وحدها الطريق الموصلة إلى جنة عرضها السماوات والأرض إذن هذه هي المعادلة المنطقية وهذه هي الصورة الحقيقي

الدنيا دار ابتلاء واختبار وهي مزرعة الأخرة ، فأنت تزرع هنا لتحصد هناك ، هذه الأعمال التي تقوم بها يرصدها ملكان عن اليمين وعن الشمال قعيد

ثم يُخرج لها هذا الكتاب يوم القيامة سجلاً منشوراً لتقوم أنت بنفسك بقراءته اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا ، فمن وجد خيراً فليحمد الله تعالى الذي وفقه واعانه على فعل هذا الخير ، وما كنا لنهتدي لولا ان هدانا الله فالفضل والمنة له أولاً وآخراً وكانت المنزلة دار الرضوان دار بناها الرحمن سبحانه وتعالى لبنة من ذهب ولبنك من فضة ترابها المسك فيها مالا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر من النعيم.

نسأل الله لنا ولوالدينا ولمحبينا أن نكون من أهل الفردوس الأعلى من الجنان ، ومن وجد غير ذلك والعياذ بالله فلا يلومن إلا نفسه وهو كما يقال فهذا هو ملخص رحلة هذه الحياة الدنيا وهذه فلسفتها

تضمنها هذا الحديث القدسي العظيم فهلا راجعنا انفسنا وعدنا إلى ربنا عودا حميداى وتداركنا أنفسنا طالما أننا في زمن الإمهال والتدارك، نرجو وذلك ولنتذكر بأن لنا رباً رحيماً يبسط يده بالليل ليتوب مسىء النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسىء الليل ورحمته وسعت كل شىء ارحم بعباده من الوالدة بولدها فهلا اقبلنا على هذه الرحمة وانطرحنا بين يدي خالقنا ومولانا اللهم ردنا إليك رداً جميلاً.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى