دبغ الجلود.. حرفة بدوية قديمة تحفظ أسرار العيش في الصحراء
أسماء صبحي – في حياة البدو التي اتسمت بالترحال وشظف العيش، لعبت الحرف اليدوية دورًا حيويًا في تلبية احتياجاتهم اليومية. ومن بين هذه الحرف القديمة برزت حرفة دبغ الجلود التي لم تكن مجرد نشاط اقتصادي. بل أسلوب حياة يعكس قدرة البدو على الاستفادة من موارد بيئتهم القاسية وتحويلها إلى أدوات نافعة.
حرفة دبع الجلود
تعتمد حرفة دبغ الجلود على الاستفادة من جلود الحيوانات التي يربيها البدو مثل الأغنام والإبل والماعز. فبعد ذبح الحيوان تنظف الجلود وتعالج بمواد طبيعية مثل الملح أو نباتات صحراوية خاصة لمنع تعفنها ثم تجفف تحت الشمس. وبعد ذلك تبدأ عملية الدباغة التي تكسب الجلد ليونة وصلابة في الوقت نفسه.
الاستخدامات اليومية
لم يكن الجلد المدبوغ مجرد مادة خام بل كان أساسًا لصناعة أدوات ضرورية لحياة البدو. فقد استخدموه في صناعة القرب لحفظ المياه والأحذية التي تناسب السير في الرمال، والخيام التي تحمي من حرارة الشمس وبرد الليل. كما استخدم في صناعة الأثاث البسيط وأغلفة السروج التي يحتاجها الرحل في تنقلاتهم.
الجانب الاقتصادي والاجتماعي
كانت هذه الحرفة تمثل مصدر دخل للعديد من العائلات البدوية حيث تباع المنتجات الجلدية في الأسواق والبوادي المجاورة. كما أن دباغة الجلود كانت تعكس التكافل الاجتماعي إذ يشترك أكثر من فرد في معالجة الجلد وصناعته وهو ما يعزز روح التعاون بين أبناء القبيلة.
القيمة التراثية
مع مرور الزمن، تحولت الحرفة من حاجة يومية إلى إرث ثقافي تحافظ عليه بعض المجتمعات العربية. ورغم أن الصناعات الحديثة قللت من الاعتماد عليها، إلا أن المنتجات الجلدية البدوية ما زالت تحظى بقيمة عالية نظرًا لجودتها وتميزها اليدوي. واليوم، تعرض هذه المصنوعات في المهرجانات والأسواق التراثية باعتبارها شاهدًا على حياة الأجداد.



