الماجينا وعادات أخرى.. تقاليد رمضانية تصارع الاندثار في بغداد

أميرة جادو
وسط أزقة بغداد العتيقة، نشأت العديد من العادات والتقاليد الرمضانية، التي بات بعضها طيّ النسيان، فيما لا يزال البعض الآخر قائمًا رغم زحف الحداثة، ومن أبرز هذه العادات تقليد “الماجينا”، الذي كان يشكل جزءًا من الأجواء الرمضانية في العراق، حيث يتجمع الأطفال في ليالي الشهر الفضيل، يجوبون الشوارع ويطرقون الأبواب، مرددين الأهازيج التراثية، آملين في الحصول على الحلوى والأطعمة الرمضانية.
“الماجينا”.. أغنية تراثية تطرق أبواب الخير في رمضان
يردد الأطفال خلال جولاتهم الليلية أهازيج قديمة، أشهرها: “ما جينا يا ماجينا.. حلي الكيس وانطينا.. تنطونا لو ننطيكم.. بيت مكة نوديكم..”
يفتح الأهالي أبوابهم لهم، يقدمون لهم الحلويات والمأكولات الرمضانية، في حين أن البعض الآخر قد يرفض منحهم شيئًا، مما يدفع الأطفال للرد بأهازيج أخرى تعبر عن استيائهم.
أصل “الماجينا” بين الموروث الشعبي والتأثير العثماني
وفي هذا الإطار، كشف الباحث التراثي ياسر العبيدي إن أصل كلمة “ماجينا” مشتق من “المجيء”، بمعنى “لقد جئناكم”، وهي تعبير عن قدوم الأطفال بحثًا عن الفرح والكرم، فيما يعتقد آخرون أن الكلمة مستوحاة من “باجي” التركية، التي تعني “الأخت الكبرى”، حيث كان الأطفال ينادون السيدات بهذا اللقب أملاً في الحصول على الهدايا والحلوى.
كما لفت “العبيدي”، إلى أن تقليد “الماجينا” بدأ في العهد العثماني وانتشر في مدن عراقية مختلفة، مثل البصرة التي يعرف فيها باسم “الكركيعان” أو “القرقيعان”، كما يوجد تقليد مشابه له في دول الخليج العربي، وأيضًا في مصر من خلال أغنية “وحوي يا وحوي”.
والجدير بالإشارة أن “الماجينا” لم تكن وحدها من اختفت مع مرور الزمن فقد اندثرت العديد من التقاليد الرمضانية الأخرى مثل لعبة “المحيبس”، وسهرات “الحكواتي”، حيث كان الناس يجتمعون في المقاهي ليستمعوا إلى قصص مثل سيرة “أبي زيد الهلالي” و”عنترة بن شداد”. حتى المسحراتي لم يسلم من التغيير، كما استبدلت أدواته القديمة بوسائل حديثة تناسب العصر.
إحياء الموروث الرمضاني في العراق
مع تلاشي العديد من العادات القديمة، تحاول بعض القنوات العراقية ومنصات التواصل الاجتماعي إعادة إحياء هذا الفولكلور الشعبي، من خلال إنتاج برامج تلفزيونية تستعرض العادات والتقاليد البغدادية في رمضان.
كما أكد الفنان عمر ضياء الدين، مدير مسرح الرافدين ببغداد، أن تقديم التراث بطريقة جذابة واحترافية يمكن أن يعيد إحياء الاهتمام به، مشيرًا إلى أن بعض البرامج التراثية التي قدمها لاقت رواجًا واسعًا، نظرًا لحنين الجمهور لهذه العادات التي شكلت جزءًا من ذاكرتهم الجماعية.



