تاريخ ومزارات

الذكرى الـ78 على رحيل الشيخ مصطفى عبد الرازق.. معلم نجيب محفوظ الأول

تمر اليوم الذكرى الـ78 على رحيل الشيخ مصطفى عبد الرازق، شيخ الأزهر الأسبق، الذي وافته المنية في 15 فبراير عام 1947، ويعتبر الشيخ مصطفى عبد الرازق باعث الفلسفة الإسلامية في العصر الحديث، وأحد أبرز من تولوا مشيخة الأزهر الشريف، كما أنه كان رائد الفكر الفلسفي الإسلامي، وأديبًا وشاعرًا وكاتبًا صحفيًا متميزًا.

من هو الشيخ مصطفى عبد الرازق ؟

هو مفكر وأديب مصؤي، وعالمًا في أصول الدين والفقه الإسلامي. شغل منصب شيخ الجامع الأزهر الشريف، واعتبر مجددًا للفلسفة الإسلامية في العصر الحديث. بالإضافة إلى كونه صاحب أول تاريخ للفلسفة الإسلامية باللغة العربية ومؤسس “المدرسة الفلسفية العربية”. تولى الشيخ مصطفى عبد الرازق وزارة الأوقاف ثماني مرات، وكان أول أزهرى يتولى هذا المنصب، كما تم اختياره شيخًا للأزهر في ديسمبر 1945م / محرم 1365 هـ.

رحلة التعلم والتأثير الفكري

تلمذ الشيخ مصطفى عبد الرازق على يد كبار علماء الأزهر الشريف، وتبحر في مختلف العلوم الشرعية واللغوية، مع تخصصه في دراسة الفلسفة. حصل على الشهادة العالمية في عام 1908. والتقى خلال دراسته بالإمام محمد عبده، فأصبح من تلاميذه المخلصين وتأثر بمنهجه وأفكاره الإصلاحية.

ترك الشيخ مصطفى عبد الرازق للمكتبة الإسلامية والإنسانية إرثًا فكريًا وعلميًّا مهمًّا. فقد كتب مصنفات في الأدب والتصوف، إلا أن كتاباته في الفلسفة كانت الأهم في مسيرته الفكرية. كما يعتبر رائد الفكر الفلسفي الإسلامي الحديث، حيث نجح في تفنيد تبعية الفلسفة الإسلامية للتراث اليوناني. وأثبت أن نشأة الفلسفة في كتابات المسلمين كانت سابقة على اتصالهم بالفلسفة اليونانية. من أهم مؤلفاته كتاب “تمهيد لتاريخ الفلسفة الإسلامية”، الذي يعتبر أشهر كتبه على الإطلاق.

الدراسة في الخارج والإنجازات الأكاديمية

سافر الشيخ مصطفى عبد الرازق إلى فرنسا، حيث درس في جامعة السوربون وجامعة ليون التي حاضر فيها في أصول الشريعة الإسلامية. حصل على شهادة الدكتوراه برسالة تناولت “الإمام الشافعي أكبر مشرعي الإسلام”. كما ترجم إلى الفرنسية “رسالة التوحيد” للإمام محمد عبده بالاشتراك مع برنار ميشيل، وألف معًا كتابًا بالفرنسية.

المسيرة المهنية والإسهامات الثقافية

عين الشيخ مصطفى عبد الرازق موظفًا في المجلس الأعلى للأزهر، ثم مفتشًا بالمحاكم الشرعية، وكان نشطًا في الصحافة والسياسة. في عام 1346 هـ / 1927م. عين أستاذًا مساعدًا للفلسفة الإسلامية بكلية الآداب بجامعة فؤاد الأول (حالياً جامعة القاهرة)، ثم أصبح أستاذ كرسي في الفلسفة. أصدر أهم كتبه الفلسفية مثل “تمهيد لتاريخ الفلسفة الإسلامية” وكتاب “فيلسوف العرب والمعلم الثاني”. وقد تدرب على يديه نجيب محفوظ، الذي أدرك أهمية العربية الفصحى في الكتابة كبديل عن العامية.

بصمة عائلية وأثر سياسي

كما أن شقيقه علي عبد الرازق كان وزيرًا للأوقاف وصاحب كتاب “الإسلام وأصول الحكم”، الذي أثار جدلاً واسعًا وأدى إلى سحب شهادة الأزهر منه.

بهذا الإرث الغني والتأثير العميق، يظل الشيخ مصطفى عبد الرازق رمزًا خالدًا في مسيرة الفكر الإسلامي والإصلاح الفكري في العالم العربي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى