تاريخ ومزارات

ليلة الحناء الإسناوي… مهرجان الألوان في قلب صعيد مصر

في صعيد مصر، تتنوع طقوس الزواج بين الاحتفالات التقليدية والعادات المتوارثة التي تعكس عمق التراث الشعبي، ومن بين هذه الطقوس المميزة تبرز ليلة الحناء في إسنا بمحافظة الأقصر، حيث تتحول هذه الليلة إلى مهرجان حقيقي يضج بالألوان والبهجة. يبدأ الأصدقاء بسكب الحناء على العريس وملابسه، ثم يتبادلون رشها على بعضهم البعض في مشهد يغلب عليه الفرح وسط أنغام الأغاني الشعبية والنوبية، كل ذلك بعد تجهيز كميات وافرة من الحناء بعناية فائقة.

مع غروب الشمس، تنطلق أجواء الاحتفال وتستمر حتى منتصف الليل، حيث يحرص الجميع على مشاركة العريس فرحته بتوديع أيام العزوبية في جو يمزج بين التراث والمرح.

زفي هذا الصدد قال عبد الرحمن أبو بكر، أن الحناء ليست مجرد مسحوق نباتي أخضر اللون يستخدم في تزيين الأيدي وصبغ الشعر، بل تمتد فوائدها إلى العناية بالبشرة وصناعة العطور. تنمو شجيرات الحناء في البيئات الحارة، لذا تكثر زراعتها في الدول الإفريقية، وتتميز برائحتها العطرية القوية وكثافة فروعها. تحتوي أوراقها على مادة اللاوسون التي تمنحها خصائصها الفريدة في التلوين والصبغة، ويتم الحصول عليها من خلال تجفيف الأوراق وطحنها بعناية.

فوائد الحناء متعددة، فقد أثبتت الأبحاث الطبية دورها في تحفيز نمو الشعر وتقويته، كما تعالج قشرة الرأس وتصبغ الشعر الأبيض بشكل طبيعي دون مواد كيميائية. أما بالنسبة للبشرة، فهي تقلل من ظهور التجاعيد وتمنحها نضارة، بالإضافة إلى قدرتها على علاج تشققات الجلد.

طقوس ليلة الحناء

يتم إقامة ليلة الحناء في صعيد مصر كاحتفال كبير، حيث يجتمع أصدقاء العريس لتزيينه ومرافقته في وداع أيام العزوبية وسط أجواء من الغناء والرقص. يبدأ الاستعداد مبكرًا، حيث يحضر الحلاق للعريس ليظهر بأبهى صورة أمام الحشود، وفي الوقت نفسه، تجهز العروس بمساعدة صديقاتها ومتخصصات التجميل. ثم تأتي مرحلة إعداد خلطة الحناء التي تتكون من مسحوق الحناء ممزوجًا بالليمون والعطور ودم الغزال والمخملية، ويتم تحضيرها بعناية لضمان جودتها وثبات لونها.

يعد خلط الحناء مهمة خاصة بأسرة العريس، وتستغرق العملية ساعة كاملة، حيث تعجن باستمرار حتى تصبح جاهزة للاستعمال، ثم توزع في أوانٍ بلاستيكية لتسهيل استخدامها. لا يبدأ الاحتفال إلا بإشعال البخور، وهو تقليد يعتقد الأهالي أنه يطرد الأرواح الشريرة ويحمي العروسين من الحسد.

العريس وسط الألوان والفرحة

مع انطلاق الحفل، يحرص الأهل والأصدقاء على غمر العريس بالحناء في مشهد مبهج، ثم يعتلي العريس فرسًا ويجوب شوارع القرية وسط احتفالات من الرقص والغناء والتحطيب، حيث يتسابق الجميع في رش الحناء بعضهم على بعض كنوع من التعبير عن الفرحة والمودة. الامتناع عن المشاركة في هذا الطقس يعد عيبًا اجتماعيًا، فالجميع مطالبون بالانضمام إلى الأجواء الاحتفالية التي تمتد لساعات.

أما حفل الحناء الخاص بالعروس، فهو مناسبة خاصة بالفتيات فقط، يتم خلالها تزيينها بعناية، وترسم الحناء على جسدها في نقوش جميلة تحمل معاني السعادة والتفاؤل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى