قبيلة غامد: إرث عريق في جنوب الجزيرة العربية
أسماء صبحي
قبيلة غامد هي واحدة من أقدم وأعرق القبائل العربية التي تنتمي إلى الأزد، وهي قبيلة قحطانية الأصل. واستوطنت هذه القبيلة منطقة الباحة في جنوب غرب شبه الجزيرة العربية، وتحديدًا في جبال السروات. مما جعلها تمتاز بموقعها الجغرافي الخصب والمناسب للزراعة والرعي.
تاريخ قبيلة غامد
تميزت غامد بتاريخها الطويل في الزراعة والحرف التقليدية، وكانت من القبائل التي حافظت على استقرارها في مناطقها الجبلية. كما كانت معروفة بالشجاعة والحكمة، مما جعل لها دورًا بارزًا في حل النزاعات بين القبائل المجاورة. واشتهر أفراد غامد بالفصاحة والشعر، حيث ساهموا في إغناء التراث الأدبي العربي من خلال قصائدهم التي تعبر عن قيمهم وتقاليدهم.
في صدر الإسلام، كانت غامد من القبائل التي استجابت سريعًا لدعوة النبي محمد صلى الله عليه وسلم. وأرسل وفدًا إلى المدينة المنورة لإعلان إسلامهم، مما عزز علاقتهم بالدولة الإسلامية. كما شارك أفراد القبيلة في الفتوحات الإسلامية، وأسهموا في نشر الإسلام في المناطق البعيدة.
إضافة إلى إسهاماتهم العسكرية والدينية، كان أفراد غامد متميزين في الحرف اليدوية والتجارة. حيث ساهموا في تعزيز النشاط الاقتصادي في مناطقهم. كما اشتهرت القبيلة بإنتاج الأواني الفخارية والمنسوجات اليدوية التي كانت تُصدر إلى المناطق المجاورة. مما جعلها جزءًا لا يتجزأ من النشاط التجاري في جنوب الجزيرة.
تراث القبيلة
كما ارتبطت قبيلة غامد بالكرم والضيافة، حيث كانت القبيلة تستقبل الضيوف والمسافرين القادمين من المناطق المجاورة، ما عزز سمعتها الطيبة. وكان لهذه القيم أثر عميق في بناء علاقات قوية مع القبائل الأخرى، التي كانت تتبادل معهم المصالح الاجتماعية والتجارية.
اليوم، ما زالت قبيلة غامد تحافظ على تراثها الغني، حيث تقام العديد من المهرجانات الثقافية في منطقة الباحة لإحياء التراث الغامدي. كما تبرز هذه المهرجانات الفلكلور الشعبي والعادات القديمة، مما يساهم في تعزيز الهوية الثقافية للقبيلة وربط الأجيال الحاضرة بماضيها العريق.
ويقوا الدكتور أحمد الحارثي، أستاذ التاريخ بجامعة الملك عبد العزيز، إن قبيلة غامد تمثل نموذجًا فريدًا للتاريخ العربي القديم. حيث مزجت بين العمل الزراعي المستدام والحفاظ على القيم القبلية التي جعلتها واحدة من أهم قبائل جنوب الجزيرة العربية.
