المزيد

عملية القصف البحري المصري لرمانة وبالوظة: ملحمة 8 نوفمبر 1969

كتبت شيماء طه

في تاريخ حرب الاستنزاف، التي امتدت بين عامي 1967 و1970، تحفل مصر بسلسلة من العمليات العسكرية الباسلة من بين تلك البطولات الخالدة تأتي عملية القصف البحري المصري على منطقتي رمانة وبالوظة في 8 نوفمبر 1969، والتي أظهرت تنسيقًا بالغ الدقة بين القوات البحرية والجوية.

التخطيط والتجهيز

بدأت التحضيرات للعملية في ميناء الإسكندرية، حيث استعدت المدمرتان “دمياط” و”الناصر” للانطلاق في مهمة تدريبية على سواحل مرسى مطروح.

لكن وصول العميد جلال فهمي، سكرتير قائد القوات البحرية، حاملاً ظرفًا مغلقًا غيّر مسار المهمة تمامًا.
كان الظرف يحمل تعليمات واضحة من قائد القوات البحرية بتنفيذ العملية تحت الاسم الكودي “شعبان 8”.

على الجانب الآخر، كانت قاعدة المنصورة الجوية تجهز طائراتها الليلية بقيادة النقيب سمير عزيز ميخائيل، للتدخل في حال تعرض المدمرات لأي هجوم جوي.

الأهداف

المدمرة دمياط: استهدفت قصف مخازن ذخيرة وعتاد العدو في منطقة بالوظة، الواقعة على بعد 40 كيلومترًا من الساحل.

المدمرة الناصر: تولت قصف بطاريات الدفاع الجوي الإسرائيلية في منطقة رمانة، على عمق 50 كيلومترًا من الساحل.

التنفيذ

تحركت المدمرتان ببطء من ميناء الإسكندرية، متبعتين مسارًا تقليديًا لتجنب رصد العدو.
مع غروب الشمس واقترابهما من بورسعيد، انضمت إليهما لنشات صواريخ “كومار” لتوفير الحماية.

في ظل ظلام دامس وظروف مواتية، بدأت القوات المصرية في بورسعيد وبورفؤاد بتمويه العدو عبر قصف مواقع حصن بودابست.
عند إشارة محددة، أطلقت المدمرتان نيرانهما المركزة. أصابت مدفعية “دمياط” أهدافها بدقة، ما أدى إلى انفجارات هائلة في مخازن الذخيرة وتحول الليل إلى نهار. تبعتها “الناصر” في قصف بطاريات الدفاع الجوي، ما أسفر عن إشعال الحرائق في مواقع العدو.

المواجهة الجوية

لم يمضِ وقت طويل حتى ظهرت الطائرات الإسرائيلية مستطلعة، وسرعان ما بدأت الهجوم.

استمرت المدمرات في قصف الأهداف حتى نفاد الذخيرة المخصصة، وبدأت بالانسحاب تحت غطاء من الظلام. لكن “الناصر” تعرضت لموجات متتالية من هجمات الطائرات الإسرائيلية.

بطولات الرجال

في إحدى الهجمات، اشتعل حريق على متن “الناصر”، لكن عناية الله تجلت عندما أخمد عمود مياه ناتج عن انفجار قنبلة إسرائيلية الحريق تمامًا. رغم القصف المكثف، تمكنت المدمرتان من الإفلات من قبضة العدو وعادتا إلى قواعدهما بسلام.

الرسالة الواضحة

لم تكن العملية مجرد نجاح تكتيكي؛ بل كانت رسالة قوية للعدو بأن القوات البحرية المصرية قادرة على ضرب عمق مواقعه في سيناء، وأن التنسيق بين القوات البحرية والجوية يجعل من الصعب عليه التصدي لهذه العمليات.

أظهرت العملية براعة التخطيط المصري وقدرة القوات على تنفيذ مهام معقدة تحت ظروف بالغة الخطورة.

كما أكدت أهمية التنسيق بين الأفرع المختلفة للقوات المسلحة لتحقيق الأهداف الاستراتيجية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى