قبائل و عائلات

قبيلة الدوغون: حراس الأساطير في مالي

أسماء صبحي

تعد قبيلة الدوغون واحدة من أكثر القبائل الإفريقية غموضًا وتميزًا، وتعيش في منطقة مرتفعات “باندياغارا” في مالي، غرب إفريقيا. وتتميز هذه القبيلة بثقافتها الغنية وتقاليدها العريقة التي تتداخل فيها المعتقدات الروحانية مع علم الفلك والأساطير.

الحياة الروحية والمعتقدات

تشتهر قبيلة الدوغون بنظامها الروحي المعقد والمعتقدات الفلكية التي تسبق اكتشافات علمية حديثة. ويؤمن أفراد القبيلة بوجود كائنات سماوية يسمونها “النومو”، والتي يعتبرونها مخلوقات متطورة من الفضاء الخارجي. ولقد أثارت معرفتهم الدقيقة بنظام نجم الشعرى اليمانية (Sirius) جدلاً واسعًا بين العلماء حول مصدر هذه المعرفة المتقدمة.

وتمتلئ ثقافة الدوغون بالأساطير المتعلقة بخلق الكون والكائنات السماوية. وتقام احتفالاتهم الروحانية كل 60 عامًا في طقوس تعرف بـ “سيغي”، حيث يتم إحياء أساطير الخلق والارتباط بالنومو. كما تتميز القبيلة بطقوس الجنائز الفريدة التي تشمل رقصات ذات دلالات روحانية عميقة للاعتقاد بأن الروح تتواصل مع الأسلاف.

الهندسة المعمارية والفن

أحد أشهر معالم قبيلة الدوغون هو العمارة الصخرية التي تتمثل في القرى المنحوتة على جدران المنحدرات. وتتميز هذه المنازل ببنائها الدقيق الذي يعكس تكيفهم مع البيئة القاسية في المرتفعات الصحراوية. كما يشتهرون بصناعة الأقنعة الخشبية المعقدة التي تُستخدم في الرقصات الطقسية.

يعتمد أفراد قبيلة الدوغون على الزراعة كمصدر رئيسي للرزق، حيث يزرعون الدخن والذرة والخضروات. كما يمارسون الرعي وتربية الماشية. ولأنهم يعيشون في منطقة جبلية منعزلة، يعتمدون أيضًا على التعاون المجتمعي القوي للحفاظ على استمرارية حياتهم التقليدية.

ومثل العديد من القبائل الإفريقية، يواجه شعب الدوغون تحديات معاصرة منها التغير المناخي والنزاعات المسلحة في المنطقة، مما يهدد بقاء ثقافتهم الفريدة. ومع ذلك، يواصل الدوغون التمسك بتقاليدهم العريقة، في محاولة لحماية هويتهم في وجه الحداثة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى