تاريخ مشرف لعرب الصقر الطائية: من زعامة حوران إلى معارك الجليل ومرج بن عامر
عرب الصقر الطائية هم عشائر عربية عريقة تنحدر من قبيلة طيء القحطانية، وكانوا من أوائل القبائل التي دخلت بلاد الشام مع بداية الفتوحات الإسلامية. ورثت هذه العشائر مناطق سوريا الجنوبية (فلسطين والأردن) من أميرهم المفرج بن دغفل بن الجراح الطائي في أواخر القرن الرابع الهجري، وهو من سلالة الملك إياس بن قبيصة الطائي الذي حكم طيء في العراق قبل البعثة النبوية.
من هم عرب الصقر الطائية
تاريخ عرب الصقر مليء بالأحداث البطولية، حيث قاد شيخهم حسان بن المفرج الطائي معركة شرسة ضد الفاطميين عام 1025م، واستطاع بسط نفوذه على أغلب مناطق الشام. واستمرت زعامتهم حتى أواخر القرن العاشر الهجري، حيث كان الأمير مسلم بنو لام من أبرز قادتهم في تلك الفترة.
في حوران، أسس عرب الصقر مشيختهم في المزيريب قرب نهر اليرموك، وواجهوا تحديات عديدة من الدولة العثمانية. تحالفوا مع الأمير فخر الدين المعني، مما ساعدهم في بسط سيطرتهم على جنوب سوريا ولبنان وشرق الأردن. لكن هذا التحالف أثار قلق العثمانيين، مما أدى إلى نزاع كبير انتهى بفرار عرب الصقر إلى إيطاليا عام 1613م.
مع حلول القرن السابع عشر، انتقلت مشيخة عرب الصقر إلى الجليل، حيث اشتبكوا في معارك طاحنة مع عشائر جبل نابلس للاستيلاء على مرج بن عامر. تمكنت القبيلة من فرض سيطرتها على المنطقة بعد قتال شرس، ودعمت زعيمها الشيخ إرشيد الجبر في توسيع نفوذهم.
عند تصاعد التوترات بين عرب الصقر وخصومهم، تدخل ظاهر العمر الزيداني، الذي كان له دور كبير في توطيد سلطة الصقر في المنطقة. لكن مع مرور الوقت، انقلبت الصقر على ظاهر العمر بعد محاولته تقليص نفوذهم، مما أدى إلى معركة الروحة التي انتهت بخسارة التحالف واستقرار الصقر في قيسارية.
طوال أكثر من خمسين عاماً، خاضت عشائر عرب الصقر معارك دامية مع ظاهر العمر وأعدائه، لكنهم ظلوا محافظين على قوتهم ونفوذهم في المنطقة. وفي عام 1936، خاضت القبيلة معارك ضد القوات البريطانية، حيث سقط العديد من رجالها شهداء، بينهم قائدهم حسين العلي الدرويش الزبيدي.
بعد حرب 1948 وهزيمة الجيوش العربية، نزح عرب الصقر إلى شرق الشريعة وغربه، وتركزوا في محافظة إربد بالأردن. وما زالت عشائر عرب الصقر تحتفظ بثقلها الرئيسي في مناطق الكريمة ووادي اليابس والمشارع، مع وجود أسر متعددة منتشرة في مختلف المدن الأردنية.
تاريخ عرب الصقر الطائية هو شاهد على القوة والصمود، حيث تحملوا المصاعب والتحديات عبر القرون، وحافظوا على مكانتهم وزعامتهم في مناطق الشام، ليظلوا رمزاً للعزة والكرامة العربية.