تاريخ ومزاراتحوارات و تقارير

في ذكرى رحيل ثالث الأئمة الأربعة.. هل غير الإمام الشافعي في فتواه عند مجيئه مصر أم أنها شائعة؟

أميرة جادو

يصادف اليوم مرور الذكرى الـ1203 على وفاة الإمام أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعي، وثالث أئمة الفتوى في التاريخ الإسلامي، وصاحب المذهب الشافعي، إذ رحل في آخر ليلة من رجب سنة 204 هـ – الموافق 20 يناير عام 820م بمدينة الفسطاط بمصر.

يعتبر  الإمام الشافعي ثالث الأئمة الأربعة عند أهل السنة والجماعة، وصاحب المذهب الشافعي في الفقه الإسلامي، علاوة على أنه مؤسس علم أصول الفقه، ويرجع إليه العديد من الآراء فقهية عدة وفتاوى قديمة، لكن الرجل ولتغيير المكان والزمان رأى أنها أصبحت لا تناسب العصر والظرف المكاني الذى يتواجد فيه، فتراجع عنها بما يناسب صحيح الدين وظروف البلاد.

ووفقًا لما ذكره الدكتور عبد الحكيم الرميلي،  في كتابه “تغير الفتوى بتغير الاجتهاد (دعوة للتفكير والتيسير ونبذ للتعصب والهوى والتعسير)” أن الإمام الجليل كانت لها رؤى فقهية وفتاوى فترة إقامته في بغداد جمعها في مجلده الضخم وأطلق عليه اسم  “الحجة”، لكن ما إن جاء إلى مصر أعاد النظر في تلك الفتاوى لتغير الظروف، فألف كتابه “المبسوط” والذى اشتهر فيما بعد بكتابه الأم.

الفتاوى والمسائل التي عرضها الكتاب

وقال الإمام الشافعي كتابه كلمته المشهورة: “لا أجعل في حل من روى عنى كتابي البغدادي”، حيث تراجع عن العديد من فتاويه التي كانت له قديما، وغيرها بتغير اجتهاده وتجديده، ولم يتعصب لفتاويه القديمة الاجتهادية، ويصف المؤلف تجديد فتاوى “الشافعي”، لم تكن ناسخا لمذهبه القديم، إنما كان الوصف الأدق هو امتداد وتطور له وفقا لسنة التطور والنمو، ومن المسائل التي عرضها الكتاب، كالتالي:

1- مسألة الماء المستعمل في فرض الطهارة، هل يبقى على طهوريته فيكون طاهر مطهرا؟

في القديم قال الإمام الشافعي أنه طهور، وقال ابن المنذر: روى عن على وابن عمر وعطاء النخعي أنهم قالوا فيمن نسى مسح رأسه، فوجد في لحيته بللا يكفيه مسحه بذلك البلل، وهذا يدل على أنهم يرون المستعمل مطهرًا.. أما في الجديد فقد غير فتواه وأفتى بأنه غير طهور، فقال: “وإن توضأ رجل ثم جمع وضوئه في إناء نظيف، ثم توضئ به لم يجزه، لأنه أدى به الوضوء الفرض مره، وليس بنجس”.

2- مسألة الترتيب والموالاة في الوضوء:

أفتى الإمام الجليل في القديم بأن من نسى الترتيب في الوضوء ولم يكن متعمدا صح وضوئه، بل كان يرى في فتواه القديمة بأن الترتيب في الوضوء غير واجب، ولذلك استناد لحديث حكاه ابن المنذر عن أبن مسعود، عن ابن عباس، أن النبي (ص) توضأ فعسل وجهه، ثم يديه ثم رجليه ثم مسح رأسه، ثم تبين للشافعي أن حديث ابن عباس عنها ضعيف، وأن قياس الوضوء على غسل الجنابة قياس مع الفارق لأن جميع بدن الجنب شيء واحد فلم يجب ترتيبه، بينما روت أحداث أخرى عن النبي عن الوضوء وكلهم وصفوه مرتبا، وعلى هذا الأساس غير الشافعي فتواه.

3- مسألة المسح على الخفين

في توقيت المسح على الخفين، أفتى الإمام الشافعة فى القديم بأنه لا يوقت المسح بالأيام، بل يستمر حتى يخلع أو يحدث ويجب نزعهما، مستندا لحديث للنبى (ص) رواه أبى بن عمارة، لكن تبين فيما بعد للشافعى أن أحاديث ابن عمارة ضعيفة واطلع على أخرى صحيحة جعلته يغير فتواه ومنها حديث عن النبى يقول: “أن النبى (ص) جعل للمسافر أن يمسح ثلاثة أيام ولياليهن وللمقيم يوما وليلة”، وبناء عليه قرر الشافعى تغير رائيه القديم.

4- مسألة نوم المصلى هل ينتقض وضوئه؟

أفتى الإمام الجليل في القديم بأن المصلى إذا نام لا ينتقض وضوؤه لقوله النبى: “لا وضوء على من نام قائما أو راكعا أو ساجدا” ثم تراجع عن فتواه وأصبح النوم عنده ناقضًا لأن حكم النوم فى الصلاة حكمه خارج الصلاة.

5- مسألة أكل لحم الإبل:

أفتى “الشافعي” في القديم بانتقاض الوضوء بأكل لحم الجزور “الإبل”، ويؤكد الكاتب بأن قبل مذهبه القديم كان يرى الإمام الجليل لا ينتقض من أكل لحم الجزور، وهو مذهب مالك وأبى حنيفة، ثم تبين له أن حديث الوضوء من لحوم الإبل حديث صحيح، عن قول النبي “ترك الوضوء مما مست النار”، وفى مصر رجع إلى رأيه الأول قبل فتواه القديمة وقرر بأن لحم الإبل لا ينفض الوضوء كغيره مما مسته النار.

6-  مسألة المسح على الكفين في التيمم للصلاة:

أفتى الإمام في القديم بأن يكفى المسح على الكفين فقط في التيمم، لكن غير قوله القديم بعدما أطلع على أحاديث صارت بمجموعها أقوى من الحديث الذى استند إليه في فتواه القديمة عن ابن عمار، وأقيس منه مثل حديث: أن النبي تيمم فمسح وجهه وذراعيه”.

7- مسألة التيمم بالرمل:

أفتى الشافعي في القديم بجواز التيمم بالرمل لما روى عن أبو هرهيرة أن رجلا قال النبي: إنا بأرض الرمل، وفينا الجنب والحائض ونبقى أربعة أشهر لا نجد الماء، فقال له (ص): عليكم بالأرض”، لكنه في الجديد غير الفتوى وأفتى بعدم جواز التيمم بالرمل.

8- مسألة من جامع امرأته وهى حائض:

أفتى في القديم أن من جامع امرأته وهى حائض فيلزمه الكفارة لم روى ابن عباس عن النبي بأن من يأتي امرأته وهى حائض يتصدق دينار، لكن في مذهبه الجديد أفتى بأنه لا يلزمه الكفارة بل يستغفر الله ويتوب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى