المزيد

ذكرى ميلاد ورحيل “قيثارة السماء”: تأملات في في حياة وإرث الشيخ محمد رفعت

ذكرى ميلاد ورحيل “قيثارة السماء”: تأملات في في حياة وإرث الشيخ محمد رفعت

مضت 74 عامًا على رحيل القارئ الشيخ محمد رفعت، المعروف بـ “قيثارة السماء”، الذي كان أول من افتتح الإذاعة المصرية بصوته الشجي، والذي كان وما زال علماً بارزاً في عالم القرآن الكريم. ليس في مصر فقط، بل في العالم العربي والإسلامي. يحل اليوم الذكرى الـ142 لميلاده، ومن المصادفات الغريبة أن يوم وفاته يوافق يوم مولده.

ولقد حصل الشيخ محمد رفعت على لقب “قيثارة السماء”. حيث أطلقه عليه محبوه نظرًا لصوته الفريد الذي كان يصعب وصفه بالدقة، فكان صوته يحمل روحانية ملائكية تخترق قلوب المستمعين وتثير فيهم الخشوع والإيمان، وما زال صوته مرتبطًا بشهر رمضان المبارك من خلال تلاوة القرآن وآذان الصلاة.

نشأة الشيخ محمد رفعت

ولد الشيخ محمد رفعت في حي المغربلين بالقاهرة، ورغم محنته في صغر سنه، إذ فقد بصره في الثانية من عمره، إلا أن ذلك لم يثنه عن تعلم القرآن الكريم، فبدأ حفظه في الخامسة من عمره. وكان والده محمود رفعت، مأمورًا في قسم شرطة الجمالية، وألحقه بمدرسة القرآن في مسجد فاضل باشا بدرب الجماميز بالسيدة زينب. توفي والده وهو في العاشرة من عمره، لكنه أتم حفظ القرآن قبل بلوغه تلك السن.

بدأ الشيخ محمد رفعت رحلته في تلاوة القرآن الكريم في سن الرابعة عشرة، وتألقت شهرته بسرعة في مصر وخارجها، واختير ليكون قارئًا للقرآن في مسجد فاضل باشا عام 1918م. حيث بدأت مسيرته وظل فيه حتى آخر أيام حياته. لم يقتصر دوره على تلاوة القرآن، بل درس أيضًا علم القراءات وكتب التفسير.

كان صوته القوي والسلاسة في الانتقال بين المقامات الصوتية من أبرز ما ميزه، فكان يمتلك القدرة على لمس قلوب المستمعين وإثارة الشعور بالخشوع. كما عرف بطبعه الحنون والرحيم. حيث كان يهتم بالفقراء والمحتاجين ويظهر عطفه على الجميع.

انتشرت شهرة الشيخ محمد رفعت في جميع أنحاء البلاد، حتى تم اختياره لافتتاح الإذاعة المصرية في عام 1934م. حيث انطلق أثرها بقوله: “{إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا}” [الفتح: 1] من آيات الذكر الحكيم. يعرف عنه أنه رفض عرض الإذاعات لتسجيل بعض التلاوات مقابل المال. خوفًا من حرمة أخذ الأجر على تلاوة القرآن، ولكنه طلب فتوى من شيخ الأزهر الإمام المراغي الذي أفتاه بجواز الأمر.

عاش الشيخ محمد رفعت في رحاب القرآن الكريم، حتى أصبح رائدًا في مدرسة التلاوة في العصر الحديث. حيث تأثر العديد من القراء بأدائه القوي وصوته العذب الشجي. وسار الكثيرون بعده على درب تقاليده في تلاوة القرآن الكريم.

أولاده

تزوج الشيخ  من الحاجة زينب، وأنجبا أربعة أبناء، وعلى الرغم من وفاتهم جميعًا، يعيش أحفاده ليحافظوا على سيرة جدهم وتراثه. في رمضان الماضي. أنهت الشركة المصرية لمدينة الإنتاج الإعلامي مشروعًا لصيانة تراث الشيخ محمد رفعت الذي كان مملوكًا لأسرته، وقد وصفته الأسرة بأنه كنوز جديدة كانت لدى الأحفاد.

وبما أن العديد من تسجيلات الشيخ محمد رفعت قديمة، وتلك التي كانت بحوزة أسرته أو في الإذاعة المصرية “لا تصلح”. فلم تكن لدى الإذاعة سوى شريطين من تسجيلاته. إلا أن أسرته جمعت تراثه وتسجيلاته وصيانتها. وخلال السنوات الماضية، عملت الشركة على إعادة ترميمها وصياغتها باستخدام التقنيات الحديثة. في مارس الماضي، أعلنت الشركة ترميم تراث الشيخ محمد رفعت بمركز إحياء التراث السمعي والبصري بالمدينة.

وفاته

عاش الشيخ محمد رفعت حياته في خدمة القرآن وجواره، وكانت من بين أقواله المشهورة: “إن قارئ القرآن لا يمكن أبدًا أن يهان، أو يدان”. ومع ذلك. تعرض للمرض في الحنجرة في عام 1943م، مما حال دون تمكنه من تلاوة القرآن، وفي مثل هذا اليوم، توفي عن عمر ناهز 68 عامًا.

كان حلمه أن يدفن بجوار مسجد السيدة نفيسة. ولقد تحقق حلمه حيث منحت له قطعة أرض بجوار المسجد. وبنى مدفنه عليها ودفن بها بعد وفاته، رحمه الله تعالى ورضي عنه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى