في الأوقات القديمة في مصر، كانت القصور الملكية مسرحًا للغيرة، الطمع، والمؤامرات، حيث كانت تشتعل الصراعات الدامية والمخفية تحت سطح البهجة والرفاهية. كان أبرز هذه الصراعات يتمحور حول العرش وحتى على حياة الملك نفسه. حيث كانت المنافسة شرسة بين الزوجات الملكيات وأمهات الورثة الشرعيين. وبين الزوجات الثانويات وأبنائهن الطامحين للحكم بعد وفاة الملك الأب.
بالرغم من عدم توثيق بعض الحقائق غير المألوفة في السجلات الرسمية، التي كانت تسعى الأسرة الملكية في مصر القديمة لإظهارها بما يتناسب مع عظمة النظام الملكي وصورته المثالية. إلا أن بعض هذه الحقائق غير المألوفة تم تسجيلها في بعض النصوص المصرية القديمة. مثل سيرة الموظف “ووني الأكبر” من الأسرة السادسة، التي ذكرت فيها التحقيق مع الملكة “ورت إيمات إس”. وفي هذا السياق، سنتحدث اليوم عن ملكتين من عهد الملك رمسيس الثالث.
الصراعات في القصور الملكية بمصر الفرعونية
من المعروف أن الملك رمسيس الثالث تزوج من امرأتين يحملان اسم “ت” بألقاب مختلفة، الأولى كانت الملكة تي، وكانت هي الزوجة الثانية بين زوجاته. ورغم مكانتها كزوجة ملكية، إلا أنها تآمرت على زوجها في ما يعرف بـ “مؤامرة الحريم”. شارك في هذه المؤامرة عدد من ورثة القصر الملكي وبعض العمال في البلاط، حيث خططت الملكة تي مع بعض نساء القصر لاغتيال الملك وترشيح ابنها “بنتورت” لخلافته بدلاً من الوريث الشرعي الملك “رمسيس الرابع”. تم الكشف عن المؤامرة وتنفيذها بأمر الملك. وحكم على المتهمين بأحكام متفاوتة تراوحت بين الإعدام والانتحار والجلد والسجن وقطع الأنف، بحسب دور كل شخص وجريمته في هذه المؤامرة الشنيعة.
أما الزوجة الثانية الفاضلة والرئيسة للملك رمسيس الثالث، فهي الملكة “تي” أيضًا، وقد حظيت بالألقاب الملكية العديدة مثل “الزوجة الملكية الكبرى”، “ابنة الملك”، “أخت الملك”، و”أم الملك”. ربما كانت والدة خليفته الملك رمسيس الرابع. كان لديها أبناء بالإضافة إلى رمسيس الرابع مثل وسط، وأمون هار خبش، وورمسيس مارا أمون. عاشت هذه الملكة العظيمة حياة مجيدة، وبعد وفاتها دفنت في المقبرة رقم 52 بوادي الملكات.
كانت هذه قصة ملكتين تحملان نفس الاسم وتزوجتا من ملك عظيم. كانت إحداهما خائنة، حيث شاركت في مؤامرة لقتل زوجها ووضع ابنها بدلاً منه على العرش. أما الأخرى، فكانت فاضلة ووقفت بجانب زوجها وابنها. عاش زوجها وابنها معاناة الصدمة بوفاتها، إلا أن القدر جبرهم وأعطاهم الراحة بتولي ابنها التاج الشرعي الذي اختاره والده الملك. وعندما توفيت تم تكريم ذكراها الطيبة التي بقيت حتى يومنا هذا.