تجديد الشراكة الاستراتيجية: مصر وأوروبا تعززان التعاون لمستقبل مستدام ومزدهر
لقد مرت عقود على العلاقات الوثيقة بين مصر وأوروبا، حيث شهدت هذه العلاقات التزامًا مشتركًا بالشراكة الإيجابية التي تحترم الأولويات الوطنية وتستجيب للأزمات. وتواصل هذه العلاقات نموها وتطورها بما يتماشى مع أهداف التنمية والتحديات الجيوسياسية العالمية المستجدة، مما يعكس الرغبة المشتركة في تحقيق التكامل الاقتصادي والأهداف الوطنية، وكذلك تعزيز التعاون لمواجهة التحديات الراهنة والمستقبلية.
تجديد الشراكة الاستراتيجية
حديثًا، أطلق الاتحاد الأوروبي إطار الشراكة الثنائية للفترة 2021-2027، بهدف دعم الجهود المشتركة نحو تحقيق التنمية المستدامة والانتقال إلى الاقتصاد الأخضر، وتعزيز القدرات البشرية والمرونة الاقتصادية والتحول الرقمي. وقد برزت أهمية هذه الشراكة خلال جائحة كوفيد-19، حيث تعاون الطرفان لمواجهة التحديات الصحية والاقتصادية المتصاعدة.
تظهر السياسات الدبلوماسية الاقتصادية المصرية في تعزيز الاستقرار الإقليمي وتوطيد العلاقات مع الاتحاد الأوروبي، مما يساعد في الحد من الهجرة غير الشرعية ويضمن الاستقرار الاقتصادي.
من جانبه، يظهر الاتحاد الأوروبي دعمه لمصر من خلال تقديم المساعدات الإنمائية السنوية وإطلاق مبادرات لتحسين إدارة الحدود ومكافحة الهجرة غير الشرعية.
ومع استمرار التحديات، تبذل مصر جهودًا متواصلة لمكافحة الهجرة غير الشرعية وتعزيز التنمية الاقتصادية، مما يساهم في تقليل التدفقات غير الشرعية والحيلولة دون حدوث أزمات إنسانية واقتصادية في أوروبا.
هذه الجهود قد عززت من مكانة مصر كقوة إقليمية رئيسية لضمان استقرار المنطقة، وينظر الاتحاد الأوروبي إلى مصر كدولة محورية للاستقرار في الشرق الأوسط وكبوابة للتجارة مع أفريقيا.
في مجال الطاقة، يبرز الدور المصري في منتدى غاز شرق المتوسط، حيث تسهم مصر بشكل فعال في تلبية جزء من احتياجات أوروبا من الطاقة، مما يعزز تنويع مصادر الطاقة للاتحاد الأوروبي ويساهم في الاستقرار الاقتصادي.
تأتي هذه الجهود ضمن إطار تعزيز الشراكة الاقتصادية بين مصر وأوروبا، حيث تُعد حزمة المساعدات الأوروبية الحالية بقيمة 7.4 مليار يورو استجابة للتحديات الاقتصادية التي تواجه مصر، مؤكدة على التزام الاتحاد الأوروبي بدعم التنمية الاقتصادية وتعزيز الاستقرار في المنطقة.
التعاون لمستقبل مستدام ومزدهر
وتشير الأرقام القياسية للتجارة بين مصر والاتحاد الأوروبي إلى نمو مستمر، مع زيادة ملحوظة في الصادرات والواردات، مما يعكس عمق العلاقات الاقتصادية بين الطرفين وإمكانات التعاون المستقبلي.
وفقًا للبنك المركزي المصري، فقد شهدت الاستثمارات الأوروبية في مصر زيادة كبيرة خلال السنوات الأخيرة، حيث بلغت أكثر من 6.7 مليار دولار خلال العام المالي 2021/2022، بزيادة قدرها 720٪ عن الأعوام السابقة.
وفي هذا الصدد قال الدكتور محمد عبدالوهاب، ؤ والمستشار المالي، إن هذه الاستثمارات تعكس الثقة المتزايدة في الاقتصاد المصري والفرص الاستثمارية المتاحة، وتعزز الشراكة بين مصر والاتحاد الأوروبي في مجال الطاقة. وقد تجلى ذلك في قمة المناخ (COP27) التي عُقدت في شرم الشيخ، حيث اتفقت مصر وأوروبا على بناء شراكة استراتيجية في مجال الهيدروجين الأخضر لدعم انتقال الطاقة.
ولفت المحلل الاقتصادي، إلى توقيع مصر مذكرة تفاهم مع شركة “سكاتك إيه إس إيه” النرويجية لإجراء دراسات حول مشروع تصدير الطاقة المتجددة إلى أوروبا عبر إيطاليا، بهدف تنفيذ مشروع تصدير الطاقة المتجددة عبر خط ربط بحري بسعة 3 جيجاوات.
تأتي هذه الخطوات في إطار الجهود المشتركة بين مصر وأوروبا لتعزيز الاستدامة والتنمية الاقتصادية، وتعزيز الشراكة الاقتصادية بين البلدين.