أم المستنصر وضعف الحكم: تحليل للظروف التي أثرت على مصر في فترة الفاطميين
الخليفة الفاطمي الثامن والإمام الثامن عشر، الملقب بالمستنصر بالله بن علي الظاهر، يظهر في تاريخ مصر كشخصية بارزة في القرن الحادي عشر الميلادي. بدأت حقبته الحاكمة بفترة استقرار وتوسع هائل في حدود دولته. ولكن انقلبت الأمور في الفترة الأخيرة من حكمه. حيث شهدت البلاد أحداثًا صعبة أبرزها “الشدة المستنصرية” والتي ترافقت مع مجاعة ضربت البلاد.
وفقًا لكتاب “تاريخ الدولة الفاطمية” للدكتورة إيناس محمد البهيجي، كانت أم الخليفة المستنصر تتدخل بشكل فعّال في شؤون الدولة. بعد وفاة الوزير البارع أبى القاسم الجرجائي. أصبحت لها دور هام في تعيين الوزراء والإشراف على أفعالهم، حتى تم تلقب بالسيدة الملكة. كانت تتحدث إليها الرجال باسم “مولاتهم” وتُلقب بالجهة الجليلة والستر الرفيع.
وتشير الدكتورة البهيجي إلى أن تدخل أم الخليفة في الحكم أدى إلى تصاعد التوتر والصراعات بين طوائف الجيش. وتفجرت المعارك بينهم، حيث لم تجد الخليفة وزيرًا قويًا يستطيع تحقيق الاستقرار. ونتج عن ذلك تدهور الأوضاع بسرعة، وسيطرت الفوضى والاضطراب على البلاد.
ويظهر كتاب “الحياة الفكرية والأدبية بمصر من الفتح العربي إلى آخر الدولة الفاطمية“، للدكتور محمد كامل حسين، أن الضعف في الدولة الفاطمية بدأ بسبب تنافس الوزراء واستخدام الجنود الأتراك المرتزقة. مما أدى إلى تراجع سلطة السلطان. وعندما غضب زعيم الأتراك ناصر الدولة بسبب قرار أم الخليفة تجنيد جنود من بني جنسها، اندلعت حروب ومعارك بين الأتراك والسودانيين. وانتهت بفوز الأتراك وفرار السودانيين، مما فتح المجال للتخريب والنهب.
وفي سياق متصل، تشير الدكتورة زبيدة محمد عطا في كتابها “اليهود وتجارتهم في مصر الإسلامية” إلى دور أم المستنصر في تحسين وضع السودانيين العبيد. حيث ابتاعتهم بكثرة وجعلتهم طافة، مما ساهم في تحسين أوضاعهم. ولكن بعد قتل أبو سعد، انحسر تأثير الفاطميين في مصر والبلاد الأخرى، حيث ضاعت ممتلكاتهم الخارجية بشكل كبير.
في النهاية، تظهر هذه الرواية السجل الزمني للمستنصر بالله كشخصية تأثرت بأحداث تاريخية هامة. من استقرار وتوسع إلى أزمات وفوضى، مما أثر بشكل كبير على تطور الحكم الفاطمي في مصر.