قبائل و عائلات

القوطيون: الشعب الذي اقتحم روما وأنهى العصر الكلاسيكي

القوطيون، القبائل الغوطية هي مجموعة من الشعوب الجرمانية التي لعبت دوراً هاماً في تاريخ أوروبا وشمال أفريقيا في العصور القديمة والوسطى. ينقسمون إلى قوط شرقيين وقوط غربيين، وكلاهما انفصلا عن الإمبراطورية الرومانية الغربية وأسسا ممالكهما الخاصة في القرن الخامس الميلادي.

أصول القوطيون

أصول القوط غير مؤكدة، لكن أغلب الآراء ترجح أنهم قدموا من إسكندنافيا إلى وسط وجنوب شرق القارة الأوروبية في القرنين الأول والثاني الميلاديين. يعتمد هذا الاعتقاد على الرواية التاريخية للمؤرخ القوطي يوردانس. الذي ذكر أن القوط نشأوا في جزيرة سكاندزا (اسكندنافيا)، وهاجروا منها بحراً إلى منطقة تدعى غوثيسكانزا تحت حكم ملكهم بيريغ.  كما يدعم هذا الاعتقاد الشبه اللغوي والثقافي بين القوط وبعض الشعوب الاسكندنافية، مثل الغيتس والغوتس والفندال.

القوط ظهروا لأول مرة في التاريخ الروماني في القرن الثالث الميلادي. عندما بدأوا بمهاجمة الحدود الرومانية على ضفاف نهر الدانوب. كانوا يسمون أنفسهم بالغوتون، وكانوا ينقسمون إلى مجموعتين رئيسيتين: الغريوثونغي (القوط الشرقيون) والترويثونغي (القوط الغربيون). في عام 251 م، هزموا الإمبراطور ديسيوس في معركة أبوسوس، وأصبحوا تهديداً كبيراً للإمبراطورية الرومانية.

تأثر القوط بالمسيحية

في القرن الرابع الميلادي، تأثر القوط بالمسيحية الآريوسية، وأصبحوا حلفاء وأعداء للرومان في نفس الوقت. في عام 378 م، قتلوا الإمبراطور فالنس في معركة أدريانوبل، وهي واحدة من أكبر الهزائم التي تعرضت لها الإمبراطورية الرومانية. بعد ذلك، حصل القوط الغربيون على أراضي في أكيتانيا الغالية، وأصبحوا مملكة مستقلة تحت حكم ملوكهم الخاصين. في عام 410 م، اقتحموا روما بقيادة ملكهم ألاريك الأول، وهو حدث تاريخي هام يرمز إلى نهاية العصر الكلاسيكي.

القوط الشرقيون، من جهة أخرى، خضعوا لسيطرة الهون في القرن الرابع الميلادي، وأصبحوا جزءاً من الإمبراطورية الهونية تحت حكم أتيلا. بعد موت أتيلا في عام 453 م، انهارت الإمبراطورية الهونية، واستعاد القوط الشرقيون استقلالهم. في عام 493 م، أسسوا مملكة القوط الشرقيين في إيطاليا تحت حكم ملكهم ثيودوريك العظيم، وهي مملكة ذات ثقافة وحضارة عالية.

أما في القرن السادس الميلادي، تعرضت مملكتا القوط للهجوم من قبل الإمبراطورية الرومانية الشرقية (البيزنطية)، التي كانت تسعى لاستعادة الأراضي الرومانية السابقة. في عام 552 م، هزم الجنرال البيزنطي نارسيس القوط الشرقيين في معركة بوستوميا، وأنهى مملكتهم. في عام 711 م. كما هاجم المسلمون القوط الغربيين في شبه الجزيرة الإيبيرية. وهزموا ملكهم رودريك في معركة وادي البقرة. وأنهوا مملكتهم أيضاً.

القوط لم يختفوا تماماً بعد سقوط مملكتيهم. بل استمروا في الحياة كأقلية عرقية ودينية في أوروبا وشمال أفريقيا. كما تركوا إرثاً ثقافياً وفنياً ولغوياً مهماً. وأثروا على تاريخ وحضارة الشعوب التي جاءت بعدهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى