احمد الشريف بكتب:فوضى خلاقة في المحافظات المحتلة
احمد الشريف بكتب:فوضى خلاقة في المحافظات المحتلة
لم يعد خافيا على كل ذي بصيرة أن الهدف الأساس من العدوان الظالم على اليمن وشعبه العظيم الذي مضى عليه أكثر من ثمانية أعوام وتشارك فيه دول كبرى هو إخضاعه مرة أخرى للوصاية الخارجية
والسيطرة على قراره السياسي ومقدراته بل واحتلاله ونهب ثرواته والدليل ما يحدث حاليا في المحافظات الجنوبية والشرقية التي يحاول تحالف العدوان بقيادة السعودية والإمارات تقاسمها والسيطرة عليها بالقوة وتعميم ما يعرف بالفوضى الخلاقة فيها والتسبب في انهيار كل شيء بما في ذلك العملة التي سبق للسفير الأمريكي في مفاوضات الكويت أن هدد وتوعد بأنه سيجعل قيمتها لا تساوي قيمة الحبر المطبوع عليها إذا لم تتم الموافقة على الشروط الأمريكية وقد وفى بوعده فعلا حيث أصبح سعر الدولار أكثر من ألف وخمسمائة ريال بينما سعره في المحافظات الحرة الواقعة تحت سلطة المجلس السياسي الأعلى وحكومة الانقاذ الوطني خمسمائة وثمانية وعشرين ريالاً رغم الحصار وغياب الموارد وسحب صلاحيات البنك المركزي اليمني إلى عدن وهذا في حد ذاته يعد انتصارا اقتصاديا يضاف إلى الانتصارات العسكرية والأمنية والسياسية فأثار غيظ وحنق أعداء الشعب اليمني في الداخل والخارج مما جعلهم يضاعفون في السر والعلن من عملهم على زعزعة الأمن والاستقرار في اليمن بواسطة ضعاف النفوس المندسين بين الصفوف حيث استطاعوا أن يسخروهم لخدمة أهدافهم الشريرة وقاموا بما كلفوا به خير قيام بهدف عرقلة مسيرة العملية السياسية وإتمامها في ظل عملية التغيير الكبيرة التي صنعها الأبطال من ابناء الجيش اليمني واللجان الشعبية بدمائهم الزكية وأرواحهم الطاهرة، وقد نجح الأعداء فعلاً في إحداث بعض التصدعات في الصف الوطني دون أن يدركوا ما سيجره ذلك على الوطن اليمني الموحد من مخاطر سيدفع ثمنها الجميع اذا لم تغلب الحكمة اليمانية التي عرف أبناء الشعب اليمني بها في معالجة قضاياهم وسد كل الثغرات امام الأعداء ليرجعوهم خائبين وخاسرين.
وهو ما يستدعي القول لكل من يفكر في جر اليمن إلى المخاطر عليه أن يدرك أولاً بأنه سيكون أول الضحايا وأول النادمين لأننا سندخل في مصائب ستعم الجميع، فاليمن هي الإطار الذي يجمع داخله كل فئات أبناء الشعب بمختلف توجهاتهم ومشاربهم السياسية والفكرية وعلى الجميع أن يتقوا الله في وطنهم ويتعظوا من الدروس والتجارب السابقة وعليهم ايضا أن يستوعبوا بأن عملية التغيير أصبحت أمرا واقعا من أجل بناء يمن جديد ودولة حديثة ومن أراد أن يرهن مصيره بمصير أعداء اليمن وتقدمه واستقلاله وتحرره من الوصاية الخارجية فإن الشعب اليمني سيلفظه ويدوس عليه بأقدامه كما فعل بغيره ممن حاولوا أن يخضعوا اليمن ومقدراته لسيطرتهم خلال العقود الماضية، ولأن الشعب اليمني أساساً لن يفرط بمكاسب ثورته ولا بوحدته مهما اشتد التآمر عليهما فإننا نقول لكل الذين يراهنون بغير ذلك: أن يأخذوا العبرة من التاريخ اليمني على مر العصور وكيف أن اليمنيين دائما يخرجون منتصرين لقضاياهم مهما اشتد الظلم عليهم، وما انتصار ثورة 21 سبتمبر الشعبية عام 2014م التي جاءت مصححة لمسار الثورة الأم سبتمبر وأكتوبر إلا اكبر برهان ودليل على ترجمة ارادتهم الوطنية المدعومة شعبيا.
لكن هل يستوعب النظام السعودي وإعلامه الدرس هذه المرة ؟ بعد أن شاهد بأم عينيه صمود اليمنيين في وجه عدوانهم الغادر والغاشم غير المبرر الذي تقوده السعودية أشهر إمبراطورية للمال وبمشاركة أشهر إمبراطورية للسلاح وأشهر إمبراطورية للإعلام، نريد هنا أن نُذكر تحالف الشر المعادي لليمن وشعبه الأبي الذي تقوده أمريكا بأن زمن الوئام الذي يهل على العالم اليوم باتجاه إحلال عالم جديد خال من الحروب والتوتر يحتكم الى الحوار والتفاهم والتعايش السلمي وليس إلى الحروب الظالمة التي تصدرها أمريكا إلى الشعوب الضعيفة بهدف إذلالها وتركيعها ونعتقد جازمين بأن انتصار روسيا الاتحادية على المعسكر الغربي في أوكرانيا سيفضي إلى بروز عالم جديد متعدد الأقطاب ينهي وإلى ألأبد هيمنة القطب الواحد المتمثل في أمريكا التي انفردت بالساحة العالمية منذ ثلاثة عقود عقب انهيار الاتحاد السوفيتي السابق وما يؤكد هذا الاعتقاد هو بروز نضال الشعوب على طريق الديمقراطية والتحرر من الأنظمة الديكتاتورية والملكية الأسرية وصولاً إلى صياغة حياة جديدة تكفل المشاركة المباشرة للشعوب في الحكم والحياة السياسية على أساس من التعددية الحزبية وتحقيق الحريات وحماية حقوق الانسان التي يفتقر اليها نظام آل سعود الأسري الكهنوتي غير المدرك أصلا أنه في ظل هذه المستجدات الجديدة ساد الاقتناع المبني على عدم قدرة أي نظام على انهاء نظام آخر مهما كانت لديه من أسباب القوة والتجبر والعناد ومهما كانت القدرات العسكرية والإمكانات المادية التي يمتلكها، ومن هنا نؤكد أن الشعب اليمني سيظل وغيره من الشعوب الحرة اكبر مثال على ذلك من خلال صموده للعام التاسع على التوالي في وجه أعتى عدوان يشن على بلد لم يعرف له التاريخ مثيلا من حيث شراسته وحقده.