فنون و ادب

في ذكرى رحيلها.. أسرار لا تعرفها عن حياة أسمهان

أميرة جادو

آمال أو كما تعرف فنيًا بـ “أسمهان”، ذات الصوت المنفرد والجمال الخطاف للقلب والعين، تلك الحسناء شقيقة فريد الأطرش التي رحلت عن الدنيا وهي بعز شبابها، ولدت آمال فهد فرحان إسماعيل الأطرش، عام 1917 في عرض البحر على متن إحدى سفن الشحن اليونانية، ووالدها هو أحد زعماء جبل الدوز في سوريا، ووالدتها علياء حسين المنذر هي الأميرة والمطربة.

بعد وفاة والدها عام 1925 اضطرت أسمهان للسفر مع أمها وشقيقيها فؤاد وفريد الأطرش من سوريا إلى القاهرة هربا من الفرنسيين الذين رغبوا في اعتقالها هي وعائلتها لنضال والدها ضدهم.

بدايتها الفنية

ظهرت موهبتها الفنية منذ الصغر عندما كانت تشدو في المنزل والمدرسة بعض أغاني أم كلثوم وعبد الوهاب وشقيقها فريد، وفي عام 1931 اتجهت إلى مشاركة فريد الغناء في صالة ماري منصور في شارع عماد الدين، بعد تجربتها بجانب والدتها في حفلات الأفراح والإذاعة المحلية.

وفي عام 1941 مثلت أول أفلامها (انتصار الشباب) بمشاركة شقيقها فريد، علاوة على مشاركتها في فيلم (غرام وانتقام) مع يوسف وهبي ومحمود المليجي وسجلت فيه مجموعة من أحلى أغانيها، وكانت نهاية هذا الفيلم هي نهاية أسمهان الفنية.

فشل زيجاتها

في عام 19933، تزوجت من الأمير حسن الأطرش وانتقلت للعيش معه إلى جبل الدروز في سوريا وهناك رزقت بابنة وحيدة هي (كاميليا)، لكن حياتها انتهت على خلاف مع زوجها، فعادت من سوريا إلى مصر.

وكانت زيجتها الثانية من المخرج (أحمد بدرخان)، لكن زواجهما لم يدم طويلا وانتهى بالطلاق دون أن تتمكن من نيل الجنسية المصرية التي فقدتها حين تزوجت الأمير حسن الأطرش.

علاقة أسمهان برئيس الديوان الملكي

بخلاف نشاطها في تسجيل الأغاني والتمثيل في السينما، سجل لأسمهان نشاط آخر على جبهة السياسة والسياسيين، ففي مطلع عام 1940 التقت أثناء إقامتها في فندق “ميناهاوس” بالإسكندرية بأحمد حسنين باشا رئيس الديوان الملكي الذي سرعان ما تطورت علاقته معها، ولكن هذه العلاقة اصطدمت بعلاقة عاطفية أخرى له مع الملكة نازلي والدة الملك فاروق، وكانت نازلي سيدة متسلطة وغيورة في الوقت نفسه، لذلك وضعت الملكة نازلي، كأول المحرضين المحتملين على قتلها.

تعاون أسمهان مع المخابرات البريطانية.. وعلاقتها بوفاتها

كما وضعت المخابرات البريطانية أيضا في لائحة القَتَلة المفترضين لأسمهان، حيث إن أسمهان كانت مهددة خلال الشهور الأولى من عام 1941 بالطرد من مصر، ولعل زواجها من بدرخان كان فرصتها الأخيرة آنذاك للبقاء، فلما ضاعت تلك الفرصة بالطلاق، ضاقت بها الدنيا، إلى أن جاءتها فرصة أخرى لم تكن تخطر لها ببال، هي فرصة العمل مع المخابرات البريطانية، كانت بريطانيا تعاني، وحلفاؤها في الحرب العالمية الثانية، من فداحة الخسائر في المشرق العربي على يد قوات حكومة فيشي المتحالفة مع دول المحور.

لجأ بعض رجال السفارة البريطانية بالقاهرة ومعهم الجنرال كلايتون، رئيس المخابرات السرية البريطانية في الشرق الأوسط، وبتعليمات من لندن، إلى أسمهان، لكونها درزية وزوجة سابقة للأمير حسن الأطرش محافظ السويداء في سوريا وأحد النافذين في عشيرته ومنطقته، لكي تُقنع زوجها والدروز بمناصرة الحلفاء ومعاونتهم في طرد عملاء الألمان من الشام، بحسب الأرشيف.

كان للمخابرات البريطانية ملاحظاتها الكثيرة على أداء أسمهان، وعلى إخلاصها للمهمات الموكلة إليها، خاصة لعلاقات مستجدة لها مع عدوتها المخابرات الألمانية.

ولم تكن المخابرات البريطانية وحدها في قائمة المشتبه فيها في عملية تصفية أسمهان، المخرج أحمد سالم والتي تزوجته بعد عودتها من سوريا وهو مخرج فيلمها الثاني والأخير “غرام وانتقام”، كانت أسمهان قد اعتادت حياة الليل والسهر.

وكان من الطبيعي أن تتعارض هذه الحياة مع غيرة أحمد سالم عليها وحدة طباعه، وفي إحدى مشاجرات الزوجين في الأيام الأولى من شهر يوليو 1944، شهر أحمد سالم مسدسه بوجه أسمهان، فاستغاثت بالأميرالاي سليم زكي، مدير أمن القاهرة، فأوفد مدير الأمن البكباشي محمد إبراهيم إمام لإصلاح ذات البين بين الزوجين، وفي محاولته انتزاع المسدس من يد أحمد سالم، أصيب الاثنان معا، كل برصاصة، وبعدها استقرت حالة الجريحين الصحية.

نهاية أسمهان.. أميرة ولدت في البحر وماتت غرقًا

وانتهت أسمهان من تصوير مشاهد فيلمها الأخير، طلبت من إدارة استديو مصر بعد انتهاء العمل في يوم الخميس إجازة لمدة ثلاثة أيام تقضيها في رأس البر، وفي الثامنة والنصف من صباح الجمعة 14/7/1944، ومن أمام الفيلا التي تملكها وتقيم بها في شارع الهرم، استقلت أسمهان وبرفقتها صديقتها وسكرتيرتها ماري قلادة سيارتهما الخاصة، وهي من طراز فورد تحمل لوحة رقمها 7654.

والجدير بالإشارة، أن السائق هو فضل محمد نصر الذي كان يعمل منذ فترة طويلة في استديو مصر، كما عمل سائقا خاصا لأحمد سالم، زوج أسمهان عندما كان مديرا للاستديو وقبل الحادية عشرة بدقائق، وعند قرية سرنقاش من أعمال مركز طلخا بمدينة محافظة الغربية (آنذاك) اصطدمت السيارة بحفرة كبيرة نتجت من أعمال حفر تمت بعرض الطريق لتمرير ماسورة تحمل الماء من ترعة الساحل إلى أرض تخص أحد الوزراء.

كانت الحادثة كبيرة لدرجة أنها أطاحت بالسيارة إلى أعماق الترعة في غضون ثوان، تمكن السائق فضل من القفز من باب السيارة الأمامي قبل أن تهوي السيارة في الماء، في حين لقيت أسمهان وماري قلادة مصرعهما غرقا في الجزء الخلفي من السيارة بعدما فشلت جهودهما في فتح أبواب السيارة المغلقة عليهما، وهكذا كتب القدر علي أسمهان أن تولد علي صفحات الماء وتكون نهايتها غرقا فيه أيضا.

هل تم قتل أسمهان؟

وعن وفاتها قال الفنان يوسف وهبي، عميد المسرح العربي، خلال لقاء تليفزيوني له: “أسمهان قبل وفاتها كانت تعمل في فيلم من إنتاجي، وهو (غرام وانتقام)، وقبل رحيلها أخبرتني أنها ستسافر لقضاء العطلة الأسبوعية في مدينة رأس البر بمصر، وطلبت منها عدم السفر”.

وأكد “وهبي”، أنه حاول إقناع أسمهان بالسفر إلى الإسكندرية بدلا من رأس البر، لكنها تمسكت برأيها، وجاءت صديقاتها لاصطحابها، والغريب أنها لم تركب معها، واستقلت سيارة استوديو مصر، وماتت غرقا بعدما انحرفت السيارة وسقطت في الترعة “ترعة الساحل الموجودة حاليا في مدينة طلخا” وماتت المطربة صاحبة الصوت الملائكي عن عمر ناهز 32 عاما.

وشدد “وهبي”، على أن وفاة أسمهان ليست قتلًا متعمدًا ولكنه قضاء وقدر، ولكن روايته لم يصدقها كثيرون لأسباب كثيرة، منها اختفاء السائق الذي خرج من السيارة بعد سقوط السيارة في الترعة ولم يصب بأذى، ولم يتم العثور حتى على جثته وقت الحادث.

ومن أغرب المصادفات أنها قبل أربع سنوات من وفاتها، أي في أوائل 1940 كانت تمر في المكان عينه فشعرت بالرعب لدى سماعها صوت آلة الضخ البخارية العاملة في الترعة، ورمت قصيدة أبي العلاء المعري “غير مجدٍ” التي لحنها لها الشيخ زكريا أحمد، وكانت تتمرن على أدائها حينذاك استعدادًا لتسجيلها في اليوم التالي للإذاعة، وقالت للصحفي محمد التابعي رئيس تحرير مجلة آخر ساعة والذي كان يرافقها “كلما سمعت مثل هذه الدقات تخيلت أنها دفوف جنازة”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى