مجنون ليلى.. أحد أفراد قبيلة “عامر بن صعصعة” وأشهر شعراء العصر الأموي
أسماء صبحي
مجنون ليلى هو الشاعر قيس بن الملوّح بن مزاحم بن ربيعة العامري، أحد شعراء العصر الأمويّ. ولد سنة 24هـ/645م، وتوفّي سنة 68هـ/688م، من شعراء الغزل العذريّ المتيّمين، من أهل نجد. عاش في فترة الخليفتين مروان بن الحكم وابنه عبد الملك بن مروان في القرن الأوّل الهجريّ في بادية العرب. لقّب بـ “مجنون ليلى”، ولم يكن مجنونًا، وإنّما لقب بذلك لأنّ النّاس أحسّت بهيامه في حبّ ليلى بنت سعد العامريّة؛ التي نشأ معها منذ صغرهما وعشقها عشقًا جنونيًّا.
وعندما رفض أهلها أن يزوّجوها له، هام على وجهه في الأرض، دون أن يحدّد وجهته. ينشد الأشعار، ويأنس بالوحوش بعد أن هجر النّاس، وراح يتغنّى بحبّه العذريّ وهو يتنقّل من مكان إلى آخر في البلاد. فكان يرى حينًا في بلاد الشّام وحينًا في بلاد الحجاز وحينًا آخر في نجد. إلى أن جاءت منيّته، فقد وجد ميّتًا في منطقة وعرة مرميًّا بين الحجارة فحمل إلى أهله.
قصة مجنون ليلى
نشأ مجنون ليلى وابنة عمّه ليلى معاً منذ صغرهما، كانا يلعبان ويرعيان المواشي لأهلهما مع بعضهما أيّام الصّبا. وقد أحبّا بعض وكبر حبّهما معهما، فقد كانا رفيقين بحقٍّ في الطّفولة، وعشيقين في الصّبا. وعندما كبرت ليلى حجبها أبوها عن ابن عمها قيس، فاشتدّ به الوجد. وراح يتذكّر أيّام الصّبا البريئة ويتمنى عودتها، لينعم مع ابنة عمّه ومحبوبته.
تقدّم قيس لخطبة ابنة عمّه مقدّمًا لها خمسين ناقة، ولكنّ عمّه رفض تزويجه؛ لأنّه صدح بحبّه لابنة عمّه في شعره. وكانت العرب تعيب على من ذاع صيته بالحبّ تزويجها ممّن أحبّها، ثمّ زوّجها أبوها من رجل آخر. فهام قيس على وجهه، وكاد يفقد عقله، ينشد أشعار الحبّ والشّوق الحزينة، والتي خلّدتها ذاكرة الأدب. من أشهرها قصيدته المؤنسة، ويقال سمّيت بذلك لأنّه كان يردّدها ليأنس بها. وقد ترك أهله ودياره، ولكنّه لم يترك حبّه لليلى، أو ينساه إلى أن فارق الحياة.
وفاته
بعد أن صدم مجنون ليلى من قرار عمّه برفضه كزوج لابنته، هامَ على وجهه في البراري والقفار. يقول الشّعر الحزين، الذي يكسّر القلوب، مستذكرًا ماضيه مع ابنة عمّه، ومتمنّيًا عودته. هاجرًا البشر مستأنسًا بالوحوش والشّجر، ومتنقّلًا من مكان إلى آخر. وقد روي بأن امرأة من قبيلته، كانت تنقل له الطّعام إلى مكان لجوئه في البادية كل يوم وتدعه وترجع. فإذا قدمت إليه في اليوم التّالي لم تجد الطّعام فتعلم بأنّه مازال حيًّا.
إلى أن جاء اليوم الذي جاءت به إليه فوجدت الطعام كما هو فأبلغت أهله بما رأت. فأسرع أقاربه يبحثون عنه حتّى وجدوه ملقىً بين الأحجار في وادٍ كثير الحصى، وقد فارق الحياة فحملوه إلى أهله، ووجدوا قد ترك بجانبه بيتين من الشّعر. قد مات غريبًا عن أهله وعن النّاس جميعًا في البراري والقفار. وفي قلبه حسرة وغصّة بسبب بعده عن ليلى وشوقه إليها، كان ذلك سنة حوالي65هـ – 688م.
الشعر العذري
سمي الشّعر العذريّ بذلك الإسم نسبة إلى قبيلة عذرة، وهي قبيلة عربيّة من قبائل اليمن. وهو السعر العفيف، واشتهر أبناء هذه القبيلة بعشقهم العفيف، وبجمال نسائهم. وبطبيعة بيئتهم المناسبة لمثل هذا الشّعر العفيف. وإن كان سبب تسمية الشّعر العذريّ نسبة إلى بني عذرة، فلا يعني ذلك بأنّه اقتصر عليهم. بل هناك قبائل عربيّة عدّة اشتهرت به، كقبيلة عامر بن صعصعة، الذين اشتهروا بالغزل العذريّ الذي ينتهي بهم إلى الجنون أحيانًا. ومنهم الشّاعر قيس بن الملوح، ويقول البعض: بأنً الغزل العذريّ العفيف شاع في العصر الأمويّ، وعرفته أكثر من قبيلة، وفي الواقع تمتدّ جذوره إلى العصر الجاهليّ.