قبائل “النوبة” العريقة.. الأبناء يروون تاريخ الأجداد.. ويؤكدون: “نحافظ على عادات وتقاليد أجددنا.. ولغتنا تنطق ولا تكتب”

أميرة جادو

تضم أسوان العديد من المركز، ومنها مركز “نصر النوبة” الذي يضم حوالي 44 قرية من قرى تهجير النوبة، ويقع على بعد 30 كم شمال أسوان، يعيش سكانه وسط أجواء القرى البسيطة والطبيعة الخلابة والبيوت الملونة الزاهية، ويتمسكون بالعديد من العادات والتقاليد الموروثة، والتي تربوا عليها في صغرهم، ويتوارثوها جيل بعد الآخر حتى يحافظون على تاريخ النوبة وموروثات هذه القبائل العريقة، سواء المتعلقة باللغة أو الأكل والشرب أو الاجتماعيات في الأفراح والأحزان والمناسبات الأخرى.

قرى النوبة وتاريخها

وفي البداية، يقول فخرى سليمان، أحد أبناء النوبة لـ صوت القبائل العربية، وقت تهجير أبناء النوبة من موقع بناء السد العالي والأراضي المحيطة. كان عمرى 14 سنة، وبلادنا القديمة كانت مطلة على النيل مباشرة. وكانت حياة بسيطة تعتمد على النيل بشكل أساسى ، والنوبة القديمة تمتد من قرى الشلال شمالاً إلى أدندان جنوباً بإجمالى 40 قرية. ومنها 17 قرية تنتمى إلى قبائل “الكنوز” ويتحدثون النوبية الكنزية ويقال أنهم ينتمون إلى شخص يسمى “كنز الدولة” بالعصر الفاطمي. ثم تمتد جنوباً بواقع 6 قرى يعيش فيها العرب. ثم يليهم 17 قرية أخرى ينتمون إلى قبائل “الفاديجيكا” وهم عناصر مختلطة أكثر بالجنوب الأفريقي، ثم بعد تهجير السد العالي. أصبحت القرى النوبية 44 قرية بعد زيادة 4 قرى منها “بلانة أول وثان” و”قورتة أول وثان”.

وأوضح “فخري”، بأن أهل النوبة الأجداد الذين عاصروا هذه الفترة يحاولون إلى الحفاظ على العادات والتقاليد القديمة التي كانوا عليها. ثم تغيرت بعض العادات بحكم وطبيعة جغرافيا المكان الجديد.

اللغة النوبية تنطق ولا تكتب

وعن التعليم والثقافة النوبية، لفت “سليمان” إلى أن أول مدرسة هناك كانت عام 1912 بقرية الدر وتنقالة، وكان المعلمون في النوبة قليلون جداً. وبسبب بعد المدارس كان الكثير لا يكمل تعليمه. وكان على امتداد الـ350 كيلو متر لقرى النوبة القديمة لا يوجد سوى 4 مدارس فقط وكان التعليم فيهن داخلي. مضيفاً أن اللغة النوبية هي إحدى اللغات النيلية أو الأفريقية. لذلك أبناءها يتحدثون النوبية ولا يكتبونها. وتوارثها الأبناء من الأجداد عن طريق التحدث بها، وعلى سبيل المثال: فإن كلمة “فرح” في النوبية “بالى”، وكلمة “حناء” هي “كوفاريه”..وكلمة “عيش” هي “كبا”، وكلمة “مبروك” هي “بركا”. مشيرًا إلى أن هناك عادات مرتبطة بالديانات المختلفة لأن كل هذه الحضارات مرت عليها.

وأضاف “سليمان”، كانت الزراعة هي المهنة الأولى للنوبيين، حيث اعتمدوا على زرع المحاصيل الأساسية مثل القمح والشعير والذرة. رغم صعوبة التأقلم على الوضع البيئي الجديد لأبناء النوبة. إلا أنهم استصلحوا وزرعوا وعمروا في مدينة نصر النوبة.

الأفراح في النوبة شكل تاني

وعن عادات الأفراح هناك، أشار أحمد سيد حسن، أحد الشباب النوبيين. إلى أن الأفراح قديمًا كانت تستمر 15 يوماً ثم تناقصت الأيام تدريجياً. وكانت الأفراح تنعقد داخل البيوت لأنها كانت متسعة جداً وكانت الأسر تتزوج داخل البيت. مضيفًا أن من عادات الأفراح في النوبة. أن العروسين كانا يتوجهان إلى النهر بعد أسبوع من الزواج أو في صباحية الزفاف لغسل الوجه من ماء النيل، ثم ظلت هذه العادة بعد التهجير. يتم غسل الوجه من ماء الترعة القريبة من قرى النوبة الحديثة حتى بطلت هذه العادة مع الوقت.

وقال “حسن”، خلال حديثه لـ “صوت القبائل العربية والعائلات المصرية”. أن الأفراح النوبية وإن كانت تختلف عن الأفراح القديمة إلا أنها لا زالت تحافظ على الشكل القديم لها. ومثلاً أثناء عقد القران كان ينعقد في الشارع ويشارك جميع أهالي القرية فيه ويكن بعد العصر ويفترش أهل العروسان الأرض ويقدمون الشاي باللبن والفول السوداني والفيشار للضيوف. وهناك مزيد من العادات والتقاليد والطقوس المتبعة في أفراح النوبة وأبرزها رسم الحناء للعروسة. والأفراح كانت قديماً 15 يوماً منها يوم للشعرية وصناعة خبز الفرح وسط أجواء من التجمع والفرحة.

الأكلات النوبية المميزة

تشتهر النوبة بالعديد من الأكلات الشعبية المميزة التي يفضلها أبناءها. خاصة في المناسبات ومنها رمضان، وفى هذا الإطار توضح أم عمار، سيدة نوبية. بأن ضمن مشروبات النوبة المميزة “الأبريه” وهو مشروب مغذى يصنعه أبنائها خصيصاً في شهر رمضان المبارك، ويصنع من الذرة الشامية بعد طحنه وعجنه. ثم يخفف بالماء ويوضع القليل منه على “الدوكة” النوبية وهى قطعة الصاج الحديد التي توضع فوق الموقد. ثم لحظات ويرفع من على الدوكة ويكسر ويضاف إليه الماء البارد مع بعض الإضافات الأخرى مثل الليمون أو التفاح أو غير ذلك من أنواع الفاكهة ويشرب مع الإفطار في رمضان.