حكاية مسجد «سادات قريش».. بناه «عمرو بن العاص» وأقامت به السيدة زينب
أميرة جادو
يعتبر مسجد “سادات قريش” من وأقدم وأهم المعالم الإسلامية التاريخية، ليس فقط في مصر بل في جميع انحاء إفريقيا، فرغم أن مسجد عمرو بن العاص في القاهرة يحظى بالقدر الأكبر من الاهتمام التاريخي، إلا أنه لم يكن أول جامع بني في مصر، حيث تم بنائه بعد الانتهاء من فتح القاهرة، بينما بني مسجد سادات قريش في شارع بورسعيد بمدينة بلبيس بمحافظة الشرقية، هو أول مسجد بني في مصر مع دخول جيش عمرو بن العاص إليها، بفارق زمني عامين كاملين عن مسجد عمرو بن العاص بالفسطاط.
تاريخ مسجد سادات قريش
وفي عام 614 م / 19 هـ، بدأ الفتح الإسلامي لمصر بعد سيطرة جيش عمرو بن العاص على العريش، بعد فتح بلاد الشام وفلسطين، وذلك عقب موافقة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب على اقتراح عمرو بن العاص بفتح مصر، والذي جاء بعدما طلب الأنبا بنيامين الأول، بطريرك الكنيسة الأرثوذكسية، من بن العاص مساعدة الأقباط ونجدتهم، عقب مقتل 36 ألف قبطي على يد الرومان، وأن هناك حملة رومانية تتجه إلى بلبيس لمهاجمة 10 آلاف قبطي فارين من اضطهاد الرومان.
وقد اتخذ جيش المسلمين الطريق من العريش إلى القنطرة والصالحية والقصاصين وحتى وادي الطميلات، ليصبح على مشارف بلبيس، ودارت معركة كبيرة بين جيش المسلمين والرومان، انتهت بهزيمتهم واستشهد من المسلمين نحو 250 جنديًا، كان العدد الأكبر منهم ينتمي إلى قبيلة قريش.
وتخليدًا لذكرى شهداء تلك المعركة، قرر عمرو بن العاص بناء أول مسجد في مصر وإفريقيا في مدينة بلبيس، وقد اختلفت بعض الأقاويل حول تاريخه إذا ما كان في العام 18 هجرية، وهو التاريخ المدون على بابه، أم العام 19، إلا أن المؤكد أن المسجد الذي أطلق عليه سادات قريش أقيم قبل مسجد عمرو بن العاص بعامين.
تصميم المسجد
وتم انشاء المسجد بطريقة بدائية، فقد بنيت جدرانه من الطوب اللبن، ونصب صفين من جذوع النخل في جهة القبلة، وعلى مدار تاريخه خضع المسجد للعديد من مراحل التطوير كان أبرزها وأهمها على يد الأمير العثماني مصطفى الكاشف، في عام 1003 هجرية، والذي أعاد بنائه وتوسعته وأنشأ مئذنته الحالية.
ويتكون المسجد من مستطيل يتضمن على ثلاثة صفوف من الأعمدة الرخامية تقسم المسجد إلى أربعة أروقة موازية لحائط القبلة، وكذا تيجان من الأعمدة المختلفة في الشكل والطراز، كما ضم المسجد بعض المعالم الفرعونية الموجودة بالجهة الغربية للمسجد على هيئة نوافذ زجاجية وسقف خشبي، وقد دخل المسجد ضمن خطة الدولة المصرية لتطوير معالم مصر التاريخية في عام 2020.
والجدير بالذكر، قد روي عن السيدة زينب رضي الله عنها أنها ردأت رؤية في المدينة أن الرسول صلى الله عليه وسلم، أمرها بأخذ آل البيت إلى مصر، فاستقبلها أهل بلبيس استقبال مهيب وأقامت السيدة زينب شهرًا كاملًا في مسجد سادات قريش.