كيف سقطت مصر في معركة التل الكبير

عند فجر الثالث عشر من سبتمبر عام ١٨٨٢ احتدمت واحدة من أخطر المعارك في تاريخ مصر الحديث وهي معركة التل الكبير التي شكلت النهاية الحاسمة لثورة عرابي والباب الذي دخلت منه بريطانيا إلى قلب مصر تحت ستار الاحتلال الطويل حيث فوجئت القوات المصرية المرابطة في محافظة الإسماعيلية بهجوم سريع ومباغت من القوات البريطانية لم يستغرق أكثر من نصف ساعة لكنه خلف وراءه حوالي عشرة آلاف شهيد من الجنود المصريين.
قصة سقوط مصر في التل الكبير
أربكت الضربة المباغتة الصفوف ودخلت بريطانيا القاهرة بعد ذلك مباشرة ليُقبض على أحمد عرابي وتُصدر المحكمة عليه حكم الإعدام الذي جرى تخفيفه لاحقا إلى النفي في جزيرة سيلان وبذلك بدأت مرحلة الاحتلال البريطاني الرسمي للبلاد.
التاريخ لم يكتف بسرد الهزيمة بل أماط اللثام عن وجوه أربع شخصيات لعبت دورا رئيسيا في سقوط المعركة أولهم محمد باشا سلطان رئيس الحزب الوطني الذي استخدم الذهب لرشوة بدو الصحراء الشرقية والثاني سعيد الطحاوي الذي أوقع بعرفان عرابي وثقته فكان يتظاهر بالإخلاص له ويبلغه أن البريطانيين لن يتحركوا قبل أسبوع بينما كان يسرب التفاصيل إلى الجنرال وولسلي قائد القوات البريطانية مؤكدا أن الجنود المصريين غارقون في النوم.
أما الثالث فكان علي يوسف الشهير بخنفس والرابع عبد الرحمن حسن قائد فرقة السواري الذي كان يعرف توقيت الهجوم لكنه تعمد سحب قواته من موقعها متسببا في ترك الخط الأمامي مكشوفا للبريطانيين وفي الساعة الرابعة وخمس وأربعين دقيقة صباحا بدأ القصف البريطاني المكثف من المدافع والبنادق والحراب الذي شتت شمل القوات المصرية.
في هذه الأثناء كان أحمد عرابي يؤدي صلاة الفجر على ربوة قريبة وسقطت أول قذيفة على خيمته فانطلق بسرعة إلى ميدان القتال وامتطى حصانه وحاول إعادة تجميع الصفوف لكن المشهد كان قد خرج عن السيطرة الفوضى عمت والضربات انهالت على الجنود الذين كانوا لا يزالون نياما.
ورغم هذه الهزيمة الثقيلة لم يخلُ المشهد من بطولات لجنود مصريين واجهوا العدو ببسالة أمثال محمد عبيد واليوزباشي حسن رضوان قائد المدفعية الذي كبّد البريطانيين خسائر جسيمة قبل أن يُصاب ويقع في الأسر كذلك برز اسم أحمد فرج وعبد القادر عبد الصمد ضمن أبطال اللحظة.
بدأ التمهيد للمعركة حين فشل الاحتلال البريطاني في اختراق مصر من بوابة الإسكندرية فاختاروا التوجه عبر قناة السويس التي كان من المفترض أن تكون محمية بخطة عرابي لردمها لكن فرديناند دي لسبس رئيس شركة قناة السويس آنذاك منحهم تسهيلات كاملة للعبور تحت دعوى الحياد.
فتحتهذه الخطوة الطريق أمام البريطانيين للوصول إلى القاهرة وهناك استقبلهم الخديوي توفيق الذي كان ضعفه السياسي دافعا كبيرا لتمكين الاحتلال وفي النهاية قبض البريطانيون على أحمد عرابي وأصدروا عليه حكم الإعدام قبل أن يخفف إلى النفي خارج البلاد لتبدأ مصر مرحلة جديدة من الهيمنة الأجنبية التي استمرت لعقود.