تاريخ ومزارات

عيد العمال في مصر القديمة.. هكذا نظمت الدولة العمل والإجازات

يحتفل العالم في الأول من مايو من كل عام مناسبة يوم العمال العالمي، المعروف أيضًا باسم “عيد العمل”، وهو يوم عطلة رسمية في عدد كبير من الدول، تنظم خلاله فعاليات واحتفالات مختلفة من قبل النقابات العمالية والاتحادات، وذلك تقديرًا للدور الحيوي الذي يؤديه العمال وجهودهم المتواصلة في بناء المجتمعات والنهوض بالاقتصاد.

كشف أحمد عامر، خبير الآثار ومفتش الآثار بوزارة السياحة والآثار والمتخصص في علم المصريات، أن الحضارة المصرية كانت من أوائل الحضارات التي أولت اهتمامًا بالغًا بالعمل والإنتاج، واستطاعت أن تحقق الاكتفاء الذاتي بجهودها الذاتية، مما جعلها تكرّم العامل وتقدّس الحرف والمهن.

“تقديس العمل والحرف”

وأضاف “عامر”، أن الدولة المصرية القديمة تمكنت، بفضل العمال المهرة من الصناع والفنانين والمثالين والنحاتين الذين كانوا يعملون في الخدمات العامة، من الوصول إلى مكانة مرموقة بين دول الشرق الأدنى القديم، وقد تشكلت الطبقة الوسطى من صغار الموظفين، والتجار، وأصحاب الحرف المتميزة مثل الفنانين والصناع، وكان من أبرز هؤلاء أولئك الذين عملوا في المناجم والمحاجر، وشاركوا في بناء الأهرام والمقابر والمعابد.

وأوضح “عامر”، أن تنظيم العمل كان دقيقًا، حيث تم تقسيم العمال إلى فرق، وكل فرقة كانت تحمل اسمًا خاصًا بها، كما كان هناك أشخاص مكلفون بتسجيل أسماء العمال، علاوة على وجود مفتشين يقومون بجولات يومية وأسبوعية لمتابعة سير العمل.

وأردف “عامر”، أن إلى جانب العمال الحرفيين، كان هناك عمالة مساعدة من فئات متعددة مثل المزارعين، وقاطعي الأخشاب، والسقائين، والصيادين، وقد أسندت إليهم مهام نقل المواد الغذائية ومعدات العمل إلى مواقع المشروعات.

طريقة تحديد الإجازات في مصر القديمة

وشدد “عامر”، على أن العمل في مصر القديمة كان منتظمًا على مدار العام، وكان يتم منح العمال إجازة لثلاثة أيام في الشهر، وهي أيام 10 و20 و30، حيث قسم الشهر إلى ثلاث فترات، كل فترة تضم عشرة أيام، وكان اليوم العاشر مخصصًا كعطلة، كما أضيفت إلى هذه العطلات أيام أعياد الأرباب الكبرى التي كانت تحتفل بها البلاد.

وأشار “عامر”، أن إدارة شؤون العمال كانت تتم عبر مكتب مخصص لذلك، يضم أرشيفًا يدون فيه الكتبة تقارير يومية حول حياة العمال الجماعية ومشكلاتهم في القرية، مؤكدًا أن أحترام الكبير الذي كان يحظى به العمل والعمال في مصر القديمة على مر العصور، مستشهدًا بنقش من عصر الدولة الوسطى لقائد إحدى الحملات، والذي ذكر فيه أنه لم تحدث أي حالة وفاة أثناء العمل، مضيفًا: “لقد عاملت جميع رجالي بكثير من الطيبة، ولم أنادِ العمال صائحًا على الإطلاق”.

واختتم “عامر”، حديثه موضحًا أن النبلاء كانوا يذكرون في نقوش آثارهم أنهم دفعوا الأجور المستحقة للعمال والفنانين الذين أنجزوا تلك الأعمال، مؤكدًا أن العمال كانوا راضين عن ما يتقاضونه من أجر، كما أن نصوص الدولة الحديثة أظهرت تطورًا في أوضاع العمال، خاصة أولئك الذين عملوا في منطقة “دير المدينة”، مما يعكس التقدير المتزايد للعمل وأهله مع مرور الزمن.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى