حوارات و تقارير

السينما تحارب بطريقتها: أفلام خلدت نصر أكتوبر في ذاكرة المصريين

أسماء صبحي – في الذكرى الثانية والخمسين ليوم نصر أكتوبر يعود الاحتفاء بالملحمة التي غيرت موازين القوى في المنطقة وأعادت للأمة العربية ثقتها بنفسها. لكن هذه المرة من زاوية فنية خالدة حيث لعبت السينما المصرية دورًا استثنائيًا في توثيق بطولات الجيش المصري وتحويل النصر إلى أيقونة خالدة على الشاشة الكبيرة.

فبعد أقل من عام على عبور قناة السويس عام 1973، تسابق المبدعون لإنتاج أعمال سينمائية تحاكي تفاصيل الحرب وتخلد تضحيات الجنود. لتتحول تلك الأفلام إلى ذاكرة وطنية تحفظ مشاهد البطولة وتغرس روح الفخر في الأجيال الجديدة.

السينما توثق نصر أكتوبر

كان الفيلم الأشهر في تلك المرحلة هو “الرصاصة لا تزال في جيبي” الذي قدمه المخرج حسام الدين مصطفى وجسد فيه محمود ياسين ونجوى إبراهيم وصلاح السعدني بطولات الجنود المصريين على جبهة القتال. امتزجت مشاهد الفيلم باللقطات الحقيقية المأخوذة من أرض المعركة مما منحه واقعية نادرة جعلته من أكثر الأعمال تأثيرًا. ولا يزال يعرض كل عام في ذكرى النصر كتجسيد حي لروح أكتوبر.

وفي عام 1974، صدر فيلم “أبناء الصمت” للمخرج محمد راضي مستندًا إلى قصة مجيد طوبيا ليحكي بطولات الجنود خلال حرب الاستنزاف وصولًا إلى لحظة العبور. وشارك في بطولته نخبة من نجوم السينما مثل نور الشريف، أحمد زكي، محمود مرسي، وميرفت أمين. وقدم الفيلم مشهدًا إنسانيًا مؤثرًا عن تلاحم الجبهة الداخلية مع المقاتلين في سبيل استعادة الأرض والكرامة.

ملحمة الدفاع الجوي

عاد الفنان محمود ياسين ليؤدي دورًا آخر في فيلم “حائط البطولات” الذي ركز على دور قوات الدفاع الجوي المصرية في بناء منظومة الصواريخ التي شكلت أحد أعمدة النصر. وتناول العمل العلاقات الإنسانية بين الضباط والجنود وكيف واجهوا التحديات لبناء قوة ردع قادرة على إسقاط الطائرات الإسرائيلية المتطورة. وأنتج الفيلم عام 1998، بعد سنوات من الحرب لكنه ظل أحد أبرز الأعمال التي تُظهر عمق التخطيط العسكري وبراعة القيادة المصرية.

حكايات الشعب وبطولة الميدان

ومن أبرز الأفلام التي خلدت الجانب الشعبي في الحرب فيلم “حكايات الغريب” للمخرجة إنعام محمد علي. والذي تناول مرحلة ما بين نكسة 1967 ونصر أكتوبرعبر قصص واقعية تعبر عن صمود المصريين في مواجهة اليأس. وشارك في بطولته محمود الجندي ومحمد منير وشريف منير، وعبر عن تلاحم الشعب مع الجيش بروح واحدة.

كما جاء فيلم “العمر لحظة” بطولة ماجدة وأحمد زكي ليقدّم رؤية إنسانية للصحافيين الذين عاشوا تجربة الحرب على الجبهة. موثقًا مشاعر التضحية والخوف والأمل من قلب الأحداث وهو من إخراج محمد راضي وإنتاج عام 1978.

دراما الوفاء والعزة

أما فيلم “الوفاء العظيم” فقد مزج بين الدراما الاجتماعية وروح الحرب مقدمًا قصة عن الحب والإخلاص وسط أجواء المعارك والانتصار. وشارك في بطولته نجلاء فتحي ومحمود ياسين وكمال الشناوي وسمير صبري ومن تأليف فيصل ندا وإخراج حلمي رفلة عام 1974. ولاقى الفيلم نجاحًا واسعًا وجسد نموذجًا للأعمال التي استخدمت قصصًا إنسانية لإيصال رسالة وطنية عميقة.

الفن كسلاح الوعي

لقد أدركت السينما المصرية مبكرًا أن المعارك لا تخاض فقط بالسلاح، بل أيضًا بالكاميرا والكلمة والمشهد. فكانت تلك الأفلام بمثابة سلاح الوعي الوطني الذي حفظ ذاكرة الأمة ونقل بطولات الجيل الذهبي من المقاتلين إلى وجدان الأجيال التالية.

وبعد مرور أكثر من نصف قرن على حرب أكتوبر، ما زالت هذه الأعمال تشكل جزءًا من الذاكرة الجمعية للمصريين والعرب تذكرهم بأن النصر لم يكن مجرد حدث عسكري. بل قصة إنسانية عظيمة صنعتها الإرادة وخلدها الفن ليبقى صداها حاضرًا في كل بيت وكل شاشة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى