تاريخ ومزارات

معركة فرساي القاسية التي مهدت لنيران الحرب العالمية الثانية

رغم انتهاء المعارك في نوفمبر 1918، لم تنته الحرب رسميًا إلا في يونيو 1919 بتوقيع معاهدة فرساي، التي فرضت على ألمانيا شروطًا قاسية سببت غضبًا واسعًا داخلها، كما حاول الألمان التهرب من التوقيع، لكنهم اضطروا للرضوخ، وسط احتجاجات عارمة.

تاريخ معركة فرساي

حملت المعاهدة ألمانيا مسؤولية اندلاع الحرب، وأجبرتها على التنازل عن أراض واسعة، وتقييد جيشها، ودفع تعويضات ضخمة للحلفاء، كما  تضمنت البنود نزع سلاح منطقة الراين، منع امتلاك سلاح جوي، ومحاسبة قادة ألمانيا بتهم جرائم حرب، أما البند 231، فحمّل ألمانيا وحدها مسؤولية الحرب، وفرض عليها دفع أكثر من 30 مليار دولار.

تجاهلت المعاهدة المبادئ التي طرحها الرئيس الأمريكي ويلسون في خطابه الشهير، حين دعا إلى سلام عادل يضمن حق الشعوب في تقرير مصيرها، ويؤسس لرابطة دولية تمنع الحروب المستقبلية، لكنه لم ينجح في فرض رؤيته، ورفض الحلفاء الأوروبيون مقترحاته، وفضلوا فرض شروط إذلال على ألمانيا.

قادة الحلفاء الأربعة تفاوتت أهدافهم، ففرنسا سعت لإضعاف ألمانيا عسكريًا واقتصاديًا، وبريطانيا أرادت الحفاظ على شراكتها التجارية، وإيطاليا رغبت في التوسع، بينما تمسك ويلسون بفكرته عن نظام عالمي جديد، ومع رفض الكونغرس الأمريكي المصادقة على المعاهدة، عقدت الولايات المتحدة لاحقًا اتفاقًا منفصلًا مع ألمانيا.

رفض كثير من الألمان المعاهدة، واعتبروها إذلالًا مقصودًا، كما حملوا زعماءهم مسؤولية القبول بها، ولقبوهم بمجرمي نوفمبر،  أدت هذه المشاعر إلى نمو الحركات القومية المتطرفة، وصعود النازيين في الثلاثينيات، الذين استثمروا الغضب الشعبي ووعدوا بالانتقام.

رأى خبراء الاقتصاد مثل جون كينز أن التعويضات ستدمر الاقتصاد الأوروبي، وتوقعوا انهيارًا ماليًا، وهو ما حدث بالفعل مع الأزمة الاقتصادية عام 1929، مما أدى إلى سقوط جمهورية فايمار وصعود هتلر، فاندلعت الحرب العالمية الثانية بعد عشرين عامًا من فرساي التي فشلت في تحقيق سلام دائم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى