حاتم عبدالهادي السيد يكتب : صورة الوطن العربي في قصيدة الشاعرة فاطمة بن طريش
حاتم عبدالهادي السيد يكتب : صورة الوطن العربي في قصيدة الشاعرة فاطمة بن طريش
تعد الشاعرة فاطمة بن طريش احدى الشاعرات العربيات اللاتي تغنين في حب العرب والعروبة والأوطان، وكأنها تعيد لنا عصر القومية العربية من جديد، فهي تطوف بنا عبر البلدان العربية بداية بالجزائر-عشقها ومروجها- ثم إلى سوريا ولبنان، وفلسطين، ومصر، وغيرها من الدول العربية. وكأنها تركب سفينة الحب العربي عبر شواطىء القصيدة التي تنقلنا عبر دروب لبنان، وجبال الزيتون في فلسطين، وبلاد التراث والأساطير في بابل، وبلاد النيل في مصر ، وكل البلاد العربية في دول المشرق والمغرب العربي.
إنها شاعرة تقدم الجمال في مزهريات الإبداع العربي وتنشد الوحدة العربية بين أرجاء الوطن العربي الإسلامي الممتد من المحيط إلى الخليج.
كما تشير عبر الإحالة إلى دمنا العربي المراق في لبنان وسوريا وفلسطين والعراق- دون أن تفصل -لأن الأمر لا يحتاج إلى شرح، حيث الواقع فاق الشعر في هذا الموقف الرهيب، وهذا دأب الشعر الذي يمثل القوة الناعمة عبر جمال الحرف الذي يوحد العرب في قصيدة واحدة، وكأنها تدعو إلى تكاتف الدول العربية ، وجمع شملهم عبر الحب، وعبر الكلمة الصادقة، حيث لا حدود بين الدول داخل القصيدة .
إنها ترسم جغرافيا الحب الممتد من المحيط إلى الخليج، وتعيد رسم الخارطة العربية بهمس روحه المحبة، وقلبها الأثير.
وتستخدم الشاعرة لغة رقراقة، عذبة، غير متكلفة عبر تعبيرات باذخة عن كل دولة، وكأنها تشيد للعروبة بنيتنا جديدا عبر مرافىء الحب، وسامحوني القصيدة المتهادية عبر البلاد والمدن، تقول:
أنا لست أهلاً للفصاحة إنّما
أسعى لنشر الحبّ في الأوطان
فكتبت في أهل الجزائر أحرفاً
في حسنها كالدّرّ والمرجان
و رقيق شعري في دمشق كتبته
فلها فؤادي دائم الخفقان
درّ القصيد نظمته لعراقنا
زيّنته باللطف والتّحنان
حبّرت لليمن السعيد قصائدي
عطّرتها بنسائم الرّيحان
ونظمت للسودان حرفاً رائعاً
في حسنه كشقائق النعمان
ولتونس الخضراء بحت بأحرفٍ
من خافقي مسبوكة الأوزان
والشعر في تطوان زاد جماله
فلأجلها غرّدت كالكروان
وغدوت حين ذكرت مصر حبيبتي
كفراشةٍ ورديّة الألوان
والشعر في لبنان يقطر رقّةً
إنّي أراها أجمل البلدان
ولأرض شيخ جهادنا من خافقي
أهديتها درراً بلا نقصان
في مدح أردننا الحروف تسابقت
يحميه ربّي خالق الأكوان
أمّا فلسطين الحبيبة في دمي
وبها فؤادي دائم الهذيان
ربّاه وحّد يا كريم صفوفنا
وقلوبنا يا واسعا للفضل والإحسان.
لقد أرادت الشاعرة القديرة فاطمة بن طريش أن تلفت انتبهنا بوضع علم كل دولة بجانب أبياتها، وكأنها تستلهم وحدة العرب بالدعاء بالوحدة والتكاتف من أجل رفعة الأوطان العربية، لتظل رأيتها مرفرفة تحت شمس العروبة الرهيبة.
أثمن رقة الوصف، وانسيابية المعاني التي تجسد صوت الفتاة العربية حين يكون عشقها حب الأوطان.