فنون و ادب

الأسود بن يعفر: شاعر جاهلي وسيد من سادات تميم يثير الجدل بشعره وحياته

الأسود بن يعفر النهشلي الدارمي التميمي، المعروف بأبي نهشل، كان من أبرز شعراء الجاهلية وأحد سادات قبيلة تميم في العراق. اشتهر بفصاحته وسخائه، وكان مقرّباً من النعمان بن المنذر، حيث كان ينادمه باستمرار. ومع تقدمه في العمر، فقد بصره، وأُطلق عليه لقب “أعشى بني نهشل”.

ووفقًا لما ذكره ابن سعد الأندلسي في كتابه “نشوة الطرب في تاريخ جاهلية العرب”، كان الأسود بن يعفر يحظى بشهرة كبيرة بين شعراء الجاهلية وكان ضيفًا دائمًا على النعمان بن المنذر. أما في كتاب “الأغاني” لأبي الفرج الأصفهاني، فتم التأكيد على مكانته كشاعر متقدم، حيث لم يكن من الشعراء المكثرين، وجعله محمد بن سلام ضمن الطبقة الثامنة من الشعراء مثل خداش بن زهير والمخبل السعدي.

قصيدة خالدة تعبّر عن مشاعر الأسى والهمّ

للأسود بن يعفر قصيدة مشهورة تعكس مشاعر الحزن والأسى:

نام الخلي وما أحس رقادي
والهم مختصرٌ لدي وسادي

إن المنية والحتوف كلاهما
يوفي المخارم يرميان سوادي

مقامرته مع بني مرة وتضامن القبيلة

كان الأسود مجاوراً لقبيلة بني قيس بن ثعلبة، وكان يقامر مع بني مرة بن عباد في القاعة. قامرهم يوماً فخسر تسعة عشر بكراً، فطالبت والدته، رهم بنت العباب، بني مرة بإعادة مال ابنها. قرروا عدم السماح له بالمقامرة مرة أخرى، لكن الأسود رفض البقاء مع قوم لا يشاركهم اللعب. ترك القبيلة قبل انتهاء الأشهر الحرم، وتم أخذ إبله من قبل جماعة من بكر بن وائل. عندها، استنجد الأسود ببني مرة وألقى قصيدة يستنهض فيها هممهم. تجاوبوا مع دعوته، وأعادوا إليه إبله من أموالهم الخاصة.

طلب المساعدة من النعمان بن المنذر

في حادثة أخرى، جاء رجل يُدعى طلحة من بني سعد بن عوف يسأل الأسود بن يعفر أن يسعى له لاستعادة إبله التي أُخذت منه. وافق الأسود وساعده، مما دفع أخواله من بني عجل لإعادة الإبل، مما أكسب الأسود احترام وتقدير الجميع.

ثأره لعمّه وشجاعته في المعركة

تحدى الأسود بن يعفر التهديدات المحيطة به، وأعلن نذرًا بألا يتناول الخمر حتى يثأر لعمه عامر بن ربعي، الذي قُتل على يد رجلين من بني عجل. انطلق الأسود مع ابن عمه خالد بن مالك بن ربعي لجمع مجموعة من بني نهشل والانتقام لدم عمهم. نفذوا هجومًا على كاظمة، وقتلوا قاتلي عامر، وائلاً وسليطاً.

عاد الأسود إلى النعمان بن المنذر بعد إتمام ثأره، وكان موضع احترام وتقدير النعمان الذي عبّر عن سروره بتنفيذ الأسود لنذره. استمر الأسود بعد ذلك في مجالسة النعمان بن المنذر، حيث أصبح رمزًا للشجاعة والوفاء في القبيلة.

الأسود بن يعفر النهشلي ظل شخصية مثيرة للجدل في عصره، حيث كان شعره يعكس مشاعر الأسى والهمّ، بينما كانت أفعاله تعكس الشجاعة والإصرار. قصائده وحكاياته تعكس حياة مليئة بالتحديات والنجاحات، جعلته من أبرز شخصيات الشعر الجاهلي وأحد رموز الفروسية والكرم في ذلك العصر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى