المزيد

أحمد الشريف كتب: غزة .. وما أدراك ما غزة

والشهر التاسع على وشك الاكتمال تزداد التساؤلات حول موقف الأنظمة العربية والإسلامية السلبي حول ما يجري من إبادة جماعية للشعب الفلسطيني في قطاع غزة حيث لم تهتز لهذه الأنظمة وحكامها شعرة واحدة

والجواب على هذه التساؤلات ليس معقدا أو صعبا فهؤلاء الحكام وتحديدا العرب منهم يعتقدون أن انتصار المقاومة الفلسطينية على العدو الصهيوني سيشكل خطرا عليهم ويحرض شعوبهم على الانتفاضة ضدهم وأن قيام دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية هو الآخر سيجعل الزمام يفلت من أيديهم ويقلل من شأنهم ولا يريدون أن يتكرر انتصار المقاومة الوطنية في فلسطين كما حدث في لبنان عام 2006م عندما هزم حزب الله الجيش الصهيوني وتحول إلى قوة إقليمية وهم الذين كانوا يراهنون عند بداية العدوان الصهيوني على لبنان للقضاء عليه والتخلص منه كونه قد سبب لهم قلقا وخوفا منذ قاد المقاومة اللبنانية وأجبر المحتل الإسرائيلي على الانسحاب من لبنان عام 2000م وفي نفس الوقت كانوا يتباكون في بياناتهم المنددة شفقة منهم لأنهم كانوا واثقين من هزيمته ، وفي اليمن كانوا يراهنون على هزيمة مكون أنصار الله على يد تحالف العدوان الكوني المكون من سبعة عشر دولة بقيادة وإشراف أمريكا عبر أدواتها في المنطقة ونخص بالاسم السعودية والإمارات والذي مضى عليه أكثر من تسعة أعوام حيث لم يختلف ما فعله هذا العدوان في اليمن من تدمير للبنية التحتية وقتل للأبرياء عما يقوم به حاليا جيش بني صهيون في قطاع غزة لأن مرجعية العدوانيين على الشعب اليمني والشعب الفلسطيني في غزة واحدة والهدف واحد، ومع ذلك فقد أنتصر مكون أنصار الله الذي تصدر مشهد الدفاع عن اليمن وسيادته وحريته واستقلاله وتحول اليمن تحت قيادته إلى قوة عظيمة جعلته يكون البلد الوحيد من بين البلدان العربية والإسلامية الذي أعلن موقفه الواضح والصريح المساند للشعب الفلسطيني في غزة ودخل في مواجهة مباشرة مع ثلاثي الشر العالمي المتمثل في أمريكا وبريطانيا وإسرائيل وكان لموقفه هذا تأثير كبير لأنه غير من معادلة الحروب في المنطقة التي كان الكيان الصهيوني قد أعتاد أن يشن حروبا خاطفة على بعض الدول العربية وجيوشها ويحقق فيها انتصارات خلال أيام بدليل أنه لا يزال يحتل أراض عربية ومحتفظا بها حتى اليوم ولم يكتف باحتلال أرض فلسطين فقط وعليه فإن حركة حماس التي تقود المواجهة مع الجيش الصهيوني ستخرج منتصرة بإذن الله تعالى وتتحول إلى قوة عظيمة أسوة بما حدث لحزب الله في لبنان ومكون أنصار الله في اليمن فيصبح هذا الثلاثي الوطني بالإضافة إلى المقاومة الوطنية في العراق قائدا للأمتين العربية والإسلامية ومحركا لشعوبها لتخرج من عنق الزجاجة التي حشرت بداخلها من قبل أنظمتهما خوفا من الثورة عليها.
وبما أن النظام السعودي كان له النصيب الأكبر بحكم عمالته لأمريكا وبما يمتلكه من أموال في إضعاف العرب والمسلمين وجعل أعداءهم يستأسدون عليهم فلا بد أن نعود قليلا إلى الوراء وتحديدا إلى ما بعد إنشاء هذا النظام ومملكته التي أسستها بريطانيا في 23 سبتمبر عام 1932م على أنقاض ولايات مبعثرة وضعيفة وسنجد أن ملوك السعودية المتعاقبين قد نهجوا نهجاً قطرياً فريداً اعتمد على التمايز بوجود الأماكن المقدسة من جانب ومن جانب آخر يعتمد على ابتزاز جيرانها العرب وقضم أراضيهم وحقوقهم كلما سنحت لهم الفرصة لذلك، ومع اكتشاف النفط بكميات كبيرة وواسعة تحولت مملكة قرن الشيطان إلى دولة متسلطة تنظر إلى جيرانها باستعلاء وحقد وهو الأمر الذي جعل ملوكها وأمراءها ينظرون لمنطقة شبه الجزيرة العربية والخليج بكاملها على أنها صنيعة حلال لهم وبالتالي فإن أية توجهات لتغيير أو تطوير البُنى الاجتماعية والسياسية والاقتصادية واستقلال القرار السياسي لأي قطر من الأقطار المجاورة لمملكتهم وخاصة في اليمن يعتبر في قاموس حكام السعودية تمردا عنيفا على المعتاد والمألوف بل وخروجا عن قاعدة المسموح به، من هنا انزعج حكام الرياض كثيرا عندما حدثت عملية التغيير في اليمن عام 2014م بقيادة مكون أنصار الله فطار صواب حكام السعودية عندما شاهدوا بأم أعينهم التفاف الشعب اليمني حول عملية التغيير كونها جاءت ملبية لمطالب شعبية ومعلنة إعادة التوازن السياسي في المنطقة بالإضافة إلى أنها شكلت بداية لزلزال عنيف يهدد مصالح نموذج الفرد الواحد والأسرة الواحدة وبخاصة في السعودية، ولم يأل بنو سعود جهدا على المستوى القومي والإقليمي من محاولة لعب دور شرطي المنطقة بما يمتلكونه من أموال وظنوا أن هذا الدور يمكن أن يستمر من خلال حفنة من الدولارات تنفق هنا وهناك أو من خلال البصم بالإيجاب فوق كل الأوامر العليا التي تأتيهم من الغرب ومن الشرق ولا داعي للدخول في تفاصيل يعرفها كل عاقل في السعودية وخارجها خصوصا هذه الأيام التي رفع فيها الغطاء عن المستور والفضل في ذلك يعود للمقاتل اليمني العنيد الذي كشف حقيقة أسرة بني سعود ومملكتهم الشريرة.
خلاصة القول إن السياسة السعودية المبنية على مقايضة حرية الشعوب وسيادتها واستقلالها بالدولار وعلى إرهاب الآخرين بالدعاية لصفقات الأسلحة بهدف تخويف من يخرج عن بيت الطاعة وضمان الهيمنة بشتى السبل على شعوب المنطقة هي نفسها السياسة المتبعة حاليا حيث ظن النظام السعودي أنه بإمكانه احتواء دول المنطقة وشعوبها من خلال مجلس التعاون الخليجي ولكن خيالهم قد شط كثيرا في التفاؤل والشواهد الأخيرة حول ما جرى له في اليمن تؤكد صدق ما نقول بالإضافة إلى سياسة فرض الأمر الواقع بقوة السلاح فقد عمد النظام السعودي إلى فرض ترسيم الحدود مع الجيران من طرف واحد وباتفاقيات قسرية مستغلا ظروف الدول المجاورة لمملكة قرن الشيطان وهي سياسة لم تكن لتنجح سوى في ظل التشتت والتمزق القومي وفي ظل مشاكل متراكمة في الأقطار المجاورة عرف النظام السعودي كيف يجيرها لصالحه، لكن اليوم وبعد أن وجد بنو سعود أنفسهم في مأزق بسبب عدوانهم على اليمن وتدخلهم في شؤون الآخرين خدمة للسياسة الأمريكية والبريطانية ووقوفهم إلى جانب إسرائيل في عدوانها على غزة فإن الأوضاع قد تغيرت ولم يعد أمامهم سوى الخوف ومزيد من الخوف الذي قد يؤدي في النهاية إلى إسقاط نظامهم لترتاح الأمتين العربية والإسلامية بل والعالم أجمع من الفتن المذهبية والعنصرية والطائفية التي يصدرها هذا النظام بأمواله، وعلى الباغي تدور الدوائر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى