“أم الإذاعيين”.. تعرف على أول صوت نسائى بالإذاعة
صفية زكي محمد المهندس وُلدت في الثاني عشر من ديسمبرعام 1922 في حي العباسية، وهو أحد أعرق أحياء القاهرة، لأسرة مرموقة. والدها كان زكي محمد المهندس، الذي كان عميدًا لكلية دار العلوم ونائبًا لرئيس مجمع اللغة العربية في ذلك الوقت، حيث كانت فترة رئاسة المجمع للأدبي العربي تحت قيادة طه حسين. وشقيقها الأصغر كان الفنان فؤاد المهندس، وأختها درية المهندس.
بدأت صفية دراستها في مدرسة السنية في عام 1937، حيث برزت بتفوقها وبراعتها في الدراسة، وانخرطت في النشاطات الاجتماعية بالمدرسة، وكان لها دور بارز في جماعة الخطابة المدرسية، حيث كان لها أسلوب بسيط ومنمق في كتابة ونطق اللغة العربية، وذلك بفضل اهتمام أسرتها باللغة العربية، وبالذات والدها.
رغم تميزها في فن الخطابة، لم تكتف صفية بذلك، بل انضمت أيضًا إلى فريق التمثيل. وبعد تخرجها من الثانوية، التحقت بكلية الآداب قسم اللغة الإنجليزية وحصلت على درجة البكالوريوس عام 1945. قام صديقا والدها، رائدا الإذاعة المصرية آنذاك، محمد فتحي وعبد الوهاب يوسف، بإقناعها بالانضمام للعمل في الإذاعة المصرية، وكانت لهذه الفكرة ترحيب كبير من قبلها.
في الواقع، كانت هذه الخطوة تحقيقًا لحلم طويل الأمد كانت صفية تطمح لتحقيقه منذ مشاركتها في فريق الخطابة والإذاعة المدرسية. أجرت اختبارًا في الإسكندرية تحت إشراف الإذاعي الكبير محمد محمود شعبان المعروف بـ “بابا شارو”، الذي وافق على اعتمادها كمذيعة في الإذاعة. ومن هنا بدأت مسيرة صفية كمذيعة للهواء في الإذاعة المصرية عام 1945، وبعد عامين أصبحت مسؤولة عن ركن المرأة في الإذاعة المصرية ومديرة لبرامج المنوعات.
تزوجت من الإذاعىمحمد محمود شعبان (بابا شارو) ،وتدرجت في العديد من المناصب القيادية بالإذاعة، حتى تولت رئاسة الإذاعة، وأصبحت أول امرأة تتولى هذا المنصب المهم في 27 سبتمبر 1975، واستمرت في هذا المنصب حتى 11 ديسمبر 1982، عندما وصلت إلى سن التقاعد. ولكن بعد التقاعد، استمرت صفية في تقديم برامجها الشهيرة حتى قبل رحيلها بفترة قصيرة.
بدأ مشوار صفية المهندس في عالم الإذاعة عام 1947، حيث بدأت بتقديم برنامج “ركن المرأة”، وكانت هذه الخطوة مهمة لأنها كانت أول برنامج مخصص للمرأة في الإذاعة المصرية. كانت تقوم بجمع أحاديث مع سيدات مشهورات مثل أمينة السعيد وبنت الشاطئ والدكتورة سهير القلماوي لبثها في برنامجها.
ثم أعادت صفية برنامجها الشهير “ربات البيوت”، الذي كان يتضمن التمثيل، والأحاديث التربوية، والبرنامج الدرامي “يوميات عائلة مصرية”، وكان يتناول قصة “عائلة مرزوق أفندي”. وكانت تُعتبر مثالًا للأم الحانية والأستاذة في فن الحياة والعمل، وكانت توجه الأسر المصرية من خلال برنامجها “روشتة نجاح”، وتحرص دائمًا على القيم الأسرية وبناء الوعي والتماسك الأسري.
فارقت الإذاعية صفية المهندس الحياة عام 2007 عن عمر يناهز 84 عامًا، وقد تركت خلفها تراثًا إذاعيًا عظيمًا، حيث كانت رائدة في عالم الإعلام وقدمت إسهامات كبيرة في تطوير الإذاعة المصرية وتعزيز دور المرأة في المجتمع.
