تحولات عمورية: من مركز حضاري إلى موقع أثري
“عمورية”، والتي تعرف باليونانية باسم “Ἀμόριον”، كانت مدينة في فريجيا بآسيا الصغرى، أسست في العصور الهلنستية وازدهرت في فترة الإمبراطورية البيزنطية. تم هجرها بعد هجوم الخليفة العباسي المعتصم عليها في 838 ميلادية. كانت موقعا استراتيجيا على الطريق العسكري البيزنطي بين القسطنطينية و قلقيلية. يقع موقعها وتلا لها الآن بالقرب من قرية حصار كوي في تركيا.
مشتقة من الاسم اللاتيني “أموريوم”، كانت مرموقة ومزدهرة خلال العصور القديمة. في العصور البيزنطية، حصلت على أهمية استراتيجية كمعقل ضد جيوش الخلافة الأموية بعد الفتح الإسلامي لبلاد الشام. تعرضت لهجمات متكررة وأصبحت عاصمة لثيمة أنتالوك. ومع تأسيس سلالة العموريين، أصبحت أكبر مدينة في آسيا الصغرى. ومع ذلك، تعرضت لدمار جذري بعد هجوم الخليفة المعتصم في 838.
على الرغم من أنها أعيدت بناؤها بعد ذلك، إلا أنها تعرضت لهجمات ودمار متكرر، وأصبحت غير قابلة للاستيطان بشكل دائم بعد معركة ملاذكرد في القرن الحادي عشر. استمرت كأسقفية حتى القرن الرابع عشر، ولكن بعد ذلك فقدت أهميتها. تم استئناف الحفريات في الموقع في العام 1988، مما أدى إلى اكتشافات هامة حول الحضارة البيزنطية والفترات اللاحقة.
بعد هجوم الخليفة المعتصم في عام 838 م، تعرضت عمورية للدمار الشامل والهجرة، ورغم محاولات إعادة بنائها، فإنها لم تعود إلى مكانتها السابقة كمركز حضاري بارز. تعرضت المدينة لهجمات متكررة ودمار أثناء العصور الوسطى، مما أدى إلى تراجعها تدريجيًا.
على الرغم من ذلك، استمرت عمورية كموقع أثري مهم، وتم إجراء حفريات ودراسات علمية مكثفة في العقود الأخيرة لاستكشاف تاريخها وحضارتها المختلفة. تم التركيز في الحفريات الحديثة على فترات ما بعد الكلاسيكية والبيزنطية، وقد أسفرت عن اكتشافات مثيرة ومعرفة أعمق حول حياة السكان وثقافتهم واقتصادهم.
يشهد موقع عمورية اليوم على تاريخ حافل وعلى أثار الحضارات المتعاقبة التي سكنتها، ويعتبر مكانًا هامًا للدراسات الأثرية والتاريخية.
لفترة طويلة، كان موقع عمورية مجهولاً، على الرغم من ظهور اسمها في العديد من الخرائط في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر. في عام 1739، قام ريتشارد بوكوك بإعادة اكتشافها، ولكن أول زيارة من قبل عالم غربي كانت بواسطة الجيولوجي الإنجليزي ويليام جون هاملتون في عام 1836. بعد ذلك، تم توثيقها بشكل أكبر على الخرائط.
في عام 1987، قام آر. إم. هاريسون من جامعة أكسفورد بإجراء مسح أولي للموقع، وبدأت أعمال التنقيب في عام 1988. ركز مشروع حفائر عمورية بشكل أساسي على استكشاف الفترات ما بعد الكلاسيكية والبيزنطية. خلال الفترة من عامي 1989 و1990، جرى مسح سطحي مكثف لتلة صنعها الإنسان في المدينة العليا. في عام 2001، أجرى علي كايا مسحاً جيوفيزيائياً للكنيسة الموجودة في المدينة العليا، على الرغم من عدم إجراء حفريات كاملة حتى ذلك الحين.
يدعم مشروع تنقيب عمورية المعهد البريطاني للآثار في أنقرة، ويتلقى تمويلاً من مؤسسات مختلفة في الولايات المتحدة، بما في ذلك صندوق أديلايد وميلتون دي غروت في متحف المتروبوليتان للفنون وأصدقاء عمورية.
بعد أكثر من 20 عاماً من الحفريات بقيادة بريطانية في عمورية، تم استئناف العمل الميداني في عام 2014 بواسطة فريق تركي .