عادات و تقاليد

تحولات في احتفالات رمضان.. ما بين الماضي والحاضر

 

تلاشت العادات والتقاليد الرمضانية الفريدة في مختلف البلدان العربية ببطء مع تدهور الوضع الاقتصادي والحروب والتقدم التكنولوجي. في كل دولة عربية، تحمل رمضان نكهة خاصة ومتميزة، حيث تنعكس تقاليدها وعاداتها التي تعكس الثقافة والتنوع الفريد لكل مجتمع.

منذ عقود، كانت العائلات تجتمع حول مائدة رمضانية واحدة بمكان واحد، ولكن اليوم، مع التحديات الاقتصادية والمعيشية والنفسية، أصبحت الاحتفالات برمضان أكثر صعوبة، والعادات القديمة تتلاشى تدريجياً.

على الرغم من ذلك، تبقى بعض العادات والتقاليد الرمضانية قائمة. ففي بعض البلدان، لا يزال فانوس رمضان والمسحراتي وتبادل الأطباق جزءًا لا يتجزأ من شهر رمضان، وعلى الرغم من التحديات الاقتصادية، يحاول الناس الاحتفاظ بهذه العادات الجميلة.

تأثرت العديد من العادات بالتطور التكنولوجي، فمع ظهور الهواتف الذكية، قل التواصل وتقديم التهاني بمناسبة الشهر الفضيل، واستبدلت الزيارات بالرسائل النصية عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

بينما  يواجه المنطقة العربية من تحديات وصراعات جعلت من الظروف الحياتية صعبة في ظل انخفاض قيمة العملة المحلية وارتفاع أسعار المواد الأساسية، مما يجعل من الصعب على العديد من الأسر تحمل تكاليف الاحتفال بشهر رمضان كما اعتادوا في الماضي.

ومع ذلك، يظل رمضان شهرًا مميزًا ومقدسًا للمسلمين، وبالرغم من التحديات، يسعى الناس للحفاظ على التقاليد والعادات الرمضانية الجميلة قدر الإمكان في ظل الظروف الصعبة.

ففي الأردن، يعتبر انتشار “الخيم الرمضانية” من العادات المتجذرة، حيث يقوم مجموعات من الأفراد أو المؤسسات بإعداد مائدة كبيرة في الشوارع لتقديم وجبة الإفطار اليومية للناس. تظل هذه الخيم متواجدة في الشوارع طوال شهر رمضان، حيث يحضر الناس لتناول الطعام والاستماع إلى تلاوات من القرآن الكريم والتواشيح الدينية التي يؤديها المنشدين. وفي بعض الأحيان، يتم تنظيم فعاليات أخرى داخل الخيم مثل قصص الحكواتي ومحاضرات دينية يقدمها علماء الدين للمشاركين.

ومن بين العادات الجميلة التي تميز شهر رمضان هي عادة “تبادل الأطباق” أو ما يعرف بـ “السكبة”. وتمتاز “السكبة” في رمضان بنكهة خاصة، خاصة في ثقافة السوريين. يقوم الأسر السورية خلال شهر رمضان بتحضير كميات إضافية من الطعام، حتى لو كانت العائلة صغيرة، لإرسال “السكبة” إلى الجيران قبل وقت الإفطار.

تتكون “السكبة” عادةً من طبق أو طبقين من الطعام المطهو، مما يضفي على المائدة طابعاً خاصاً ويثري تجربة تناول الطعام في رمضان، بخلاف الأيام العادية.

في العراق، كان لدى الأطفال في السابق تقليد يعرف بـ “الماجينة”. بعد الإفطار، كان الأطفال يتوجهون بأعداد كبيرة إلى المناطق الشعبية والتراثية، حيث كانوا يرتدون أزياء ملونة. كانوا يرنمون قائلين: “ماجينة يا ماجينة، حلّي (افتحي) الكيس واعطينا”. كانوا يطرقون الأبواب أثناء الغناء، وكانت الناس يجيبونهم بإعطائهم التمر أو حلويات متنوعة أو مبالغ مالية صغيرة.

ومع مرور الزمن، بدأ هذا التقليد يتلاشى في العديد من مناطق العراق، وأصبح على وشك الاختفاء تمامًا، على الرغم من استمراره في بعض مناطق البصرة التقليدية، حيث يُعرف هناك بـ “القرقيعان”، وكان الكبار يشاركون أيضًا في هذا التقليد.

في الوقت نفسه، كان لدى الدمشقيين تقليد آخر يعرف بـ “التكريزة”، وكانت هذه العادة موضوع ذكر في كتب التاريخ، بما في ذلك كتاب المؤرخ منير الكيال “يا شام”. كانت “التكريزة” تسبق شهر رمضان بأيام قليلة، وكانت تعتبر تحضيرًا لشهر رمضان. خلالها، كانت العائلات تجتمع وتتوجه من دمشق إلى المناطق الطبيعية في أرياف دمشق مثل المنتزهات والبساتين، لتحضير وجبات كبيرة.

كانت “التكريزة” فرصة لأفراد العائلة للقاء بعضهم البعض، ولكن مع مرور الوقت، بدأ هذا التقليد يتراجع تدريجيًا ويواجه الاندثار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى