تاريخ ومزارات

الجامع الأموي في حلب: شاهد على عراقة وتجدد عبر العصور

في قلب أسواق حلب العتيقة، يرتفع الجامع الأموي الشامخ، شاهدًا على عراقة المدينة وتاريخها العظيم. تأسس هذا المعلم الديني في العام 715م على يد الأمويين، مستلهمًا تصميمه من مسجد دمشق الكبير. وعلى الرغم من تشابهه في الحجم والتصميم مع نظيره الدمشقي، إلا أنه يتميز بجماله الخاص الذي لا يقل عن فخامة الأخير. يُروى أن سليمان بن عبد الملك هو من أمر ببنائه، رغبةً في مضاهاة ما أنجزه أخوه الوليد في العاصمة السورية.

تاريخ الجامع الأموي 

على مر العصور، شهد الجامع العديد من الأحداث التاريخية، بما في ذلك الحريق الذي أشعله نيقفور فوكاس في 962م، والذي أدى إلى تدميره بشكل كبير. لكن بفضل جهود سيف الدولة الحمداني، أُعيد بناء الجامع وتجديده. وفي القرن الثاني عشر، تعرض مرة أخرى للحريق على يد نور الدين الزنكي، الذي سارع إلى إعادة ترميمه وتوسيعه، مضيفًا إليه أراضي تجارية مجاورة ومحرابًا فاخرًا من الخشب المزخرف بالعاج والأبنوس.

يتميز الجامع بأبوابه الأربعة، كل منها يحمل اسمًا وتاريخًا يعكسان الثقافة والفن الإسلامي. من بينها باب النحاسين الجنوبي، وباب الجراكسة الشرقي الذي جُدد بأسلوب فني رائع من قبل وزارة الأوقاف، والباب الغربي المعروف بالمساميرية.

يضم الجامع صحنًا مستطيلًا يبلغ طوله 79 مترًا وعرضه 47 مترًا، محاطًا بأروقة مسقوفة تستند إلى ركائز مهيبة. ويحتوي الحرم على ثمانين عضادة تدعم سقفه، موزعة على أربعة صفوف، ويزينه منبر مملوكي مذهل من الخشب المطعم بالعاج، يعود تاريخه إلى القرن الرابع عشر.

أما المحراب الكبير، فيقع بجوار المنبر وهو مصنوع من الحجر الأصفر، ويحمل نقشًا يخبرنا بأن السلطان قلاوون هو من أمر بإعادة بنائه بعد الحريق. وتُعتبر المئذنة الواقعة في الجهة الشمالية الغربية من الجامع تحفة معمارية، بُنيت في العصر السلجوقي وتتميز بزخارفها الكوفية والثلثية التي تعكس جمال الفن الإسلامي. ترتفع المئذنة حوالي 45 مترًا وتتزين بأربعة مستويات من الزخارف المتنوعة، مما يجعلها واحدة من أروع المآذن في العمارة الإسلامية بسوريا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى