جواد الهنداوي يكتب :ماذا في خطاب السيد نصر الله غدا؟
جواد الهنداوي يكتب :ماذا في خطاب السيد نصر الله غدا؟
مِنْ المنتظر أنْ يلقي السيد حسن نصر الله كلمته يوم ٢٠٢٤/١/٣ ، بمناسبة الذكرى الخامسة لاستشهاد قاسم سليماني و ابو مهدي المهندس .
لا يختلفُ اثنان على الدور القيادي و التنسيقي لنصر الله بين أطراف محور المقاومة ( ايران ،سوريّة ،العراق ،اليمن ، غزّة ) . يكاد يكون قرار كل طرف من فصائل المقاومة ( سوريّة ،العراق ، اليمن ، غزّة ) مرهونا برأي السيد حسن نصر الله . خطابه بمثابة تبيان لموقف محور المقاومة ،وهكذا يفهمه الكيان المُحتل ، و دوائر الرصد و المتابعة الأمريكية و الغربيّة و الأخرى
.
عوّدتنا امريكا على انها هي التي تبدأ الحروب ، وهي التي تشّن الحروب الغليظة و الناعمة ،وهي التي تفرض الحصار و التجويع و العقوبات ، وهي التي ،الآن ، تقود الحصار والتجويع والإبادة الجماعية في غزّة . ولو كان بوسِعها ،الآن ، شّن الحرب على لبنان واليمن و ايران ،اي على محور المقاومة ،لما تردّدتْ ، ولكنها لا تستطيع .
أولاً – لانها و إسرائيل فشلا في غزّة ، رغم مجازر القتل و الابادة ، ورغم مضي اكثر من ثمانين يوماً على القتال في غزّة ، و رغم الدعم اللامحدود لإسرائيل في العتاد والمرتزقة والجنود .
امريكا في حالة يأس ،اكثر من إسرائيل ، من تحقيق اي انتصار في غزّة ،فلماذا اذاً توسيع الحرب ؟ توسيع الحرب يعني أنْ تكون القواعد العسكرية البرّية والبحرية الأمريكية في دول الخليج في مرمى ،وتحت رحمة هجمات اطراف المقاومة ( ايران ،اليمن ،العراق ) ،توسيع الحرب معناه الانتقال بالعالم ،اقتصادياً و سياسياً و امنياً إلى وضع اسوأ بكثير من الآن ، ثُّمَ أنَّه ،حتى الساعة ، لا إسرائيل و لا امريكا يعرفان اهداف حرب غزّة ، و ماذا بعد حرب غزّة .
ثانياً – تدرك جيداً امريكا دور المتربصين بها ( روسيا و الصين ) ،وينتظرون بفارغ الصبر تورطها ميدانيا في حرب اقليمية واسعة مع ايران وأطراف المحور ،كي تتم تصفية حساباتهم معها ، حينها ،قد لا تكتفي روسيا بأبتلاع أوكرانيا ،وقد لاتفوّت الصين ضياع فرصة الاستيلاء على تايوان . لذلك ، يسود الترّددْ و الارتباك على خطط و جهود محور الاحتلال والاعتداء ( امريكا -الغرب -اسرائيل ).
تقرأُ إيران جيداً ترّدد امريكا و الغرب وارتباكهم ،فهم ، ولهذه الساعة ،لم يتوصلوا إلى الاتفاق على تحالف لمنع هجمات الحوثيين على السفن المتوجهة إلى إسرائيل ،في البحر الأحمر ، وتسعى إيران لترسيخ هذا التردد و الارتباك بين اطراف محور الاحتلال و الاعتداء ،لذا سارعت الى تحريك قطعاتها البحرية المقاتلة لترسوا في باب المندب ، وهذا التحرك اشارة واضحة لأمريكا باستعداد إيران لاي تجاوز أمريكي او خدعة أمريكية تنال من مصالح ايران .
ثالثاً- لم يبقْ ايَّ طرف من اطراف محور المقاومة ( لبنان ،سوريا ، اليمن ،العراق ) خارج ميدان المعارك ،الاّ إيران ، ومشاركتها موزونة و مدروسة في كل الساحات ، وبقدر مشاركة امريكا في حرب غزّة ؛ تحّرك عسكري أمريكي يقابله تحرّك عسكري إيراني ،تحّرك سياسي أمريكي ،يقابله تحرك سياسي إيراني ،تحرك أمريكي اممي ( في مجلس الامن ) ،يقابله تحرك اممي روسي او صيني ،او كلاهما .
مثلما تنظر و تراعي إيران مصالحها ، تتركُ لكل طرف من اطراف المقاومة حريّة اتخاذ القرار بما يتماشى مع الإمكانات و الفرص المُتاحة و الاهداف الاستراتيجية لمحور المقاومة ، لا أظّنُ سيادة مبدأ فرض الاملاءات على اطراف محور المقاومة ،هنالك تنسيق وتبادل مشورة و آراء ،ويتولى السيد حسن نصر الله الأمر و حسم الموقف عند الضرورة ، و تقديرنا لذلك مبني على مؤشرات و حقائق يفرزها المشهد ، من بين هذه الحقائق و المؤشرات ، عملية طوفان الأقصى حيث انطلقت وبدأت دون تنسيق مُسبق مع ايران او اطراف محور المقاومة ، كذلك جميع المشاورات و اللقاءات السياسية والدبلوماسية التي تجريها حركة حماس و قوى المقاومة في غزّة مع وسطاء كدولة قطر وجمهورية مصر و لغرض وقف إطلاق النار وتبادل الاسرى بين الحركة والكيان المحتل تتم بمعزل عن إيران ، ولكن ليس دون مشورة وتبادل آراء مع حزب الله والمقاومة في لبنان .
كذلك حزب الله ، طرفٌ مشارك ميدانياً في المعارك ، وبتنسيق مع المقاومة في غزّة ،يعلن و بصراحة بأنَّ مشاركته في المعارك مرهونة بالموقف في غزّة ، وهذا ما سيقوله السيد حسن نصر الله في خطاب الغّد .
جميع الوفود الأمريكية و الفرنسية التي زارت لبنان ، و التقت قيادات لبنان السياسية و العسكرية ،طالبت الحزب بتطبيق القرار ١701 , و انسحاب مقاتلي الحزب إلى ما وراء نهر الليطاني ، فكان و لا يزال رّدْ الحزب هو لا حديث في ذلك ما لمْ يتم وقف إطلاق النار و الحرب في غزّة ، وهذا ما سيؤكده السيد حسن نصر الله في خطابه ، وتأكيده هو بمثابة قرار ، لا رجعةَ فيه ، و رسالة إلى جميع الأطراف المعنية .
تتوسّعْ مساحة و جغرافية المعارك بين حزب الله والمقاومة في جنوب لبنان و إسرائيل تدريجياً ، وتتنوع وتتطور الأسلحة و الصواريخ المُتبادلة بين الطرفين يوما بعد يوم ، ولم يكشفْ ،حتى اللحظة ،حزب الله عن أسلحته الجديدة المتطورة ،يعّول كثيراً على عنصر المفاجأة ، ولم يمّرْ اسبوع دون ان يتلقى حزب الله و المقاومة في لبنان صواريخ و اسلحة متطورة و دقيقة جداً من ايران ، وعن طريق سوريّة ، و إسرائيل تعلمُ ذلك ،وهي لم تتردد بتكرار الاعتداءات على منافذ التوزيع في سوريّة ( مطار حلب ،مطار دمشق ) ، وكأنَّ إيران و حزب الله يتعمّدان في ان تكون اسرائيل على دراية بذلك ،إمّا لغرض التضليل و إمّا لغرض التحذير و الردع والتحدي .
يستنزفُ الحزب و المقاومة الإسلامية في جنوب لبنان الكيان الصهيوني في شمال فلسطين ، وتئنُ إسرائيل ليس فقط لقتلاها في الشمال ،ولكن لسكاّن المُغتصبات الذين هاجروا منازلهم ،ويقدّر عددهم باكثر من ٢٣٠ الف صهيوني ،حيثُ اصبح موضوع سُكان المغتصبات وعودتهم إلى منازلهم حديث الوفود الأمريكية و الفرنسية الزائرة إلى لبنان . وما يُّعقدُ موضوع سكان المغتصبات و عودتهم إلى منازلهم هو اشتراطهم للعودة بمغادرة حزب الله الشريط الحدودي ، وهذا ما لا تستطيع تحقيقه لا إسرائيل و لا أمريكا ، ولن يتحول لبنان وتتكيّف جغرافيته وسيادته على مزاج نتنياهو و محُتلين وردوا إلى فلسطين من الشتات.
،