الأقصى …..ومشروع البقرات الخمس الحمراء
بقلم : راسم عبيدات
واضح بانه من بعد تشكيل حكومة اليمين المتطرف والفاشية اليهودية، وتولي المتطرف الفاشي بن غفير لملف تهويد الأقصى، فإن المخاطر المحدقة بالأقصى بات على درجة كبيرة من الخطورة،وبما ينذر ان يصبح وضع الأقصى لجهة التهويد والسيطرة عليه،على نحو أسوء ما حل بالحرم الإبراهيمي الشريف،من بعد المذبحة التي ارتكبها الإرهابي باروخ غولدشتاين بحق المصلين في الحرم الإبراهيمي الشريف في 25/ شباط/1994 ،والتي نتج عنها استشهاد 29 منهم واصابة اكثر من 150 ،وبعد المجرزة عمدت حكومة الكيان الى تقسيم الحرم الإبراهيمي الشريف، ولكي تستولي على القسم الأكبر منه،وفي فترات الأعياد والمناسبات اليهودية الدينية والقومية،يجري منع المصلين المسلمين من الدخول إليه،وكذلك تمارس فيه حفلات المجون والرقص والصلوات التلمودية والتوراتية .. وترفع على جوانبه وسطحه اعلام دولة الكيان وينشد فيه ما يعرف بنشيد دولة الكيان” هتكفاه” ،وكذلك في العديد من المرات جرى منع رفع الأذان فيه.
بن غفير بعد توليه لهذا الملف ،قال بأنه سيعمل على إقامة الهيكل الثالث المزعوم مكان مسجد قبة الصخرة،وبأن الأقصى يجب ان يكون من ضمن الأماكن المقدسية لليهود،ويجب ان لا يغلق أمام المصلين اليهود ،ومن بعد توليه لوزارة ما يعرف بشؤون الأمن القومي مباشرة،قام بعملية اقتحام للأقصى في الثالث من شهر كانون ثاني،في عملية جس نبض وقياس ردة فعل الفلسطينيين والعرب والمسلمين والمجتمع الدولي،ولكي يجد بأنه لم يتغير شيئاً على وضع العرب والمسلمين،كأمة وشعوب ليست اكثر من ظاهرة صوتية، تكثر من البلاغة والإنشاء وبيانات الشجب والإستنكار والإستجداء على بوابات البيت الأبيض وما يعرف بمؤسسات الشرعية الدولية،ولعل مشهد ومرحلة حرق المسجد الأقصى في 21/آب/ 1969 على يد الصهيوني من أصول استرالية مايكل دينس روهان،والذي لم تتعد ردة الفعل العربي والإسلامي عليها، “الجعجعات” الكلامية والمظاهرات والمسيرات المدجنة وعمليات تنفيس حالة الإحتقان الشعبي والجماهيري،بما لا يخرج عن سيطرة اجهزة امن تلك الدول.
بن غفير كانت ردة الفعل على إقتحامه وتدنيسه للأقصى،دعوة نقاش مفتوحة في مجلس الأمن الدولي، دون ان تسمح امريكا لا للعرب و لا للمسلمين بعقد جلسة لمجلس الأمن الدولي …وهذه المواقف الباهتة والخجولة وحالة الذل والهوان والإنهيار للنظام الرسمي العربي، دفعت ببن غفير لتكرار عملية الإقتحام في ايار وتموز الماضيين،وليعلن بشكل واضح بأن اليهود بمختلف مكوناتهم ومركباتهم الحزبية والدينية،متفقين على العودة الى “جبل الهيكل”،ولن يتخلوا عن إقامته،ولن يسمحوا بوجود أي سيادة اجنبية عليه أو وصاية او إشراف إداري بعيداً عن السيادة لدولة الكيان،وضمن هذا الإطار تكثفت عمليات الإقتحام وإزدادت الأعداد،وأصبح يجري إستغلال أي مناسبة دينية أو غير دينية ” قومية” وتوظيفها في خدمة فرض وقائع جديدة في المسجد الأقصى، لا تكتف بالتقسيم الزماني والمكاني،بل تتعدى ذلك لإيجاد حياة وقدسية يهودية في الأقصى.
من بعد عمليات استكمال ما يعرف بإحياء طقوس الهيكل المعنوي في المسجد الأقصى من صلوات تلمودية وتوراتية جماعية وعلنية ،واقامة ما يعرف بالسجود الملحمي ،وادخال كل ما يتعلق بمقتنيات العبادة الى الأقصى من اللفائف السوداء وشال الصلاة ولباس الكهنة البيضاء وغيرها ،والسعي المستمر من أجل إدخال قربين الفصح الحيوانية وقرابين العرش النباتية الى ساحات الأقصى،والنفخ في البوق في مناطق محيطة بالأقصى أكثر من مرة،وفي ساحة حائط البراق، وترافق كل ذلك مع عدوان مستمر على مصلى باب الرحمة وعزله عن بقية المصليات ،من أجل تحويله الى كنيس يهودي ،وتحويل الساحة التي أمامه الى مدرسة دينية لتعليم الطقوس والتراتيل التلمودية والتوراتية …وبما يعني تحويل المسجد الأقصى من مسجد إسلامي خالص الى مقدس مشترك عبر سياسات الإحلال الديني،وإعادة تعريف القدس والأقصى في الوعي العربي- الإسلامي .
التطور الأخطر في قضية تهويد المسجد الأقصى،هو المخطط الجاري العمل على تنفيذه بالإنتقال من مرحلة الإحياء المعنوي للهيكل المزعوم الى مرحلة البناء الفعلي لهذا الهيكل،حيث كشفت القناة العبرية ال 12 ،عن قيام الجماعات التلمودية والتوراتية بإستيراد خمس بقرات حمراء اللون من ولاية تكساس الأمريكية،حيث جرى نقلها جواً بتمويل حكومي شاركت فيه وزارتي التعليم والإستيطان ،وكان مدير عام وزارة ما يعرف القدس والأديان في إستقبالها،وقد جرى نقلها الى مستودعات سرية،وحتى تبلغ من العمر عامين،يجري ذبحها شريطة ان تكون خالية من العيوب وحمراء اللون،وعلى جسمها شعرتان متجاورتان ومختلفتان في اللون،على أن تجري عملية الذبح على جبل الطور في القدس،ومن بعد ذلك رمادها الذي يجري حرقه بخشب الزيتون الفلسطيني وجبله بالماء، واستخدام عملية الحرق من خلال خشب الزيتون، للتأكيد على أن هذا الوجود التاريخي التلمودي التوراتي لليهود ضارب جذوره في هذه الأرض كشجر الزيتون ،إيجاد صلة ما بين اليهود والأٌقصى.
الرماد المحروق سيتم نثره على المستوطنين من أجل التطهر وفق الأساطير والخزعبلات والروايات المزيفة ،بما يمكنهم من اقتحام الأقصى بدون عوائق ،وهذا يعني فتح الطريق أمام عشرات الألآف من المستوطنين للقيام بعمليات اقتحام الأقصى ،وبالتالي نقل عملية احياء الهيكل عبر الترجمة الفعلية،من خلال هدم مسحد قبة الصخرة وإقامته مكانه.
والبعض يعتقد بأن هذا المخطط والمشروع لن يكون قابل للتطبيق ،ليس فقط بسبب حالة الصمود والتصدي الأسطوري لسكان القدس والداخل الفلسطيني- 48 – ،بإعتبارهم رأس الحربة في هذا الميدان، بل لأن ذلك سيفجر المنطقة وسيشعل حرباً دينية .
وأنا لا أجادل في دور المقدسيين وأبناء الداخل الفلسطيني – 48 – في تصديهم ومجابهتهم لهذا المشروع والمخطط ،ودفاعهم المستميت عن الأقصى،ولكن من خلال الشواهد والمعطيات، لا رهان لدي بأن الأمور ستتطور الى حرب دينية ،فأنا لست من المراهنين على امة افتراضية عربية أو إسلامية، عجزت عن الدفاع عن حرق أقصاها ومنع تقسيم الحرم الإبراهيمي الشريف،وحرق كتابها السماوي ،القرأن الكريم في أكثر من عاصمة ودولة اوروبية..بل وفي كل هذه الحالات، لم ترتق ردات الفعل الى مستوى الجرائم التي ارتكبت بحق مقدساتهم وكتابهم السماوي ،القرأن الكريم، وردات الفعل لم تخرج عن بيانات الشحب والإستنكار والمذكرات الإحتجاجية والإستجداء على بوابات البيت الأبيض والمؤسسات الدولية ..
ولذلك الرهان فقط هنا على القوى الحية ومن لم يفقدوا اتجاه البوصلة نحو القدس والأٌقصى،واذا كانت الأنظمة عاجز أن تدافع عن أقصاها ودستورها السماوي القرأن الكريم، فكما قال سماحة السيد، على الشباب العربي والمسلم أن يتولوا هذه المهمة ، فالخطر المحدق بالأٌقصى في ظل فاشية يهودية “متغولة” و”متوحشة” تستدعي خطوات عملية وحقيقة تحمي الأقصى من خطر التقسيم وبناء الهيكل المزعوم مكانه،وتمنع عمليات تدنيس المساجد وحرق القرأن في الدول الأوروبية،هذه الأعمال التي تشكل تعدي صارخ ووقح على الرموز والمعتقدات الدينية،وإستفزاز لمشاعر المسلمين، فالديمقراطية وحرية التعبير، لا تعني التطاول على الرموز والمعتقدات الدينية.
ولذلك التصدي لمثل هذه الظواهر والأعمال الغوغائية، يأتي فقط من خلال طرد واغلاق سفارات تلك الدول في الدول العربية والإسلامية،وفرض عقوبات اقتصادية وتجارية عليها وقطع العلاقات الدبلوماسية معها.