تعرف على قبيلة”خثعم”…انسابها وأعلامها
تعرف على قبيلة”خثعم”…انسابها وأعلامها
“خثعم” لقب لأولاد أفتل بن أنمار بن إراش بن عمرو بن الغوث بن نبت بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ «عامر» ابن يشجب بن يعرب بن قحطان. وكانت أم أفتل بن أنمار ،هند بنت مالك من عكّ، ورزق أنمار عدداً آخر من الأبناء من بجيلة بنت صعب، ويقال لأولادها جميعاً: «بجيلة»، فتحالفوا على ولد أخيهم أفتل، فذبح هؤلاء جملاً وتخثعموا بدمه «تلطخوا به»، وتحالفوا، فسموا “خثعم”؛ وقيل غير ذلك.
وفي “خثعم”فرعان كبيران إليهما العدد والشرف: ناهس، وشهران، ابنا عفرس بن خلف بن خثعم «أفتل»، فمن بني شهران بنو قحافة بن عامر بن ربيعة بن عامر بن سعد بن مالك بن نسر بن واهب بن شهران، وهم أهل بيت خثعم وسادتهم، ومن بني ناهس: بنو الفزع بن ناهس، وبنو أجرم بن ناهس كان يقال لهم بنو مَغْوية، فقال لهم النبي r حين وفدوا عليه «أنتم بنو رُشد».
في المصادر عدد من الأخبار والإرشادات تُعطي ملامح عن المنازل والديار التي أقامت فيها «خثعم» على مرّ الزمان، فقد أقامت في جبل يقال له «شنّ» وجبل يقال له «بارق»، وجبال غيرهما من سلسلة جبال السّراة وما والاها، حتى مرت بهم الأزد عند مسيرها من أرض سبأ وتفرقها بعد سيل العرم، فقاتلوا «خثعم» فأنزلوهم من جبالهم وأجلوهم عن مساكنهم. رحلت خثعم فنزلت ما بين أودية «بيشة» و«تربة» و«رَنْيَة» وما صاقبها، وهي أودية ضخام طويلة أعاليها في السراة وأسافلها في نجد، فبقوا فيها إلى أن ظهر الإسلام؛ وكان يجاورهم في هذه الأودية بطون من عامر بن صعصعة وسلول.
ويبدو أن بعضهم أقام في الطائف قبل الإسلام، لأن وثن بن محمية الخثمعي، وكان من أشرافهم، قتل يوم الطائف كافراً. وبعد الفتوح الإسلامية انتقل كثير منهم من ديارهم، فأقاموا في الشام، والعراق، والأندلس ودارهم فيها «شذونة»، و«إلبيرة»، وبقي سائرهم في ديارهم.
عقيدتهم
كان في قرية «العبلاء» بيت يقال له «ذو الخَلَصة» بناه أبرهة بن الصباح الحميري، فكانت تعظمه: خثعم وبجيلة وأزد السراة ومن جاورهم؛ ولم تزل خثعم على تعظيم ذي الخلصة حتى أرسل إليهم النبي r جرير بن عبد الله البجلي، فقاتلته خثعم وتلك القبائل فغلبهم، وكان أكثر القتلى من خثعم، وهدم البناء وأضرم فيه النار.
غير أن ذا الخلصة لم يكن وحده المعظم عند خثعم في الجاهلية، إذ كانوا يحجون إلى «دير نجران» بدلاً من الكعبة، هم وطوائف من العرب ممن يُحِلّ الأشهر الحرم، وتدل أسماء بعضهم على تعظيم «مناة» و«اللات» إذ سموا «أوس اللات» و «أوس مناة»؛ وكان فيهم زواج المقت، وهو أن يتزوج الابن الأكبر زوج أبيه غير أمه بعد موته.
ودخلت خثعم كغيرها في الإسلام، وقدم وفدها على رسول الله، وكان منهم بنو مغوية، وفيمن وفد منهم سكن بن ربيعة من بني الفزع بن شهران، فآخى بينه وبين بلال بن رباح الحبشي، ولذلك أدخل عمر بن الخطاب الحبش في ديوان خثعم لما دون الدواوين.
أخبارهم في الجاهلية والإسلام
من الكتب المفقودة المهمة كتاب «خثعم وأنسابها وأشعارها» لمحمد بن سلمة اليشكري، ولعله كتاب «خثعم» الذي ينقل عنه الآمدي في «المؤتلف والمختلف». ومن أخبارهم ما سبق من الحروب بينهم وبين بجيلة في جبال السراة.
وجاور بعض خثعم من قحافة بن عامر وأكلب بن ربيعة، بني الحارث بن كعب، فوجدوا منهم جفاءً وأرادوا مفارقتهم، فنصحهم سيدهم أنس بن مدرك الأكلبي أن يقيموا إلى الصباح، فكان يوم فيف الريح، وانتصر بنو الحارث وجيرانهم على بني عامر بن صعصعة، فقال أنس شعراً، منه:
دعوتُ بني قُحافة فاستجابوا
فقلت: ردوا فقد طاب الورود
عزمت على إقامةِ ذي صباح
لأمر ما يُسَوَّدُ من يَسود
وكان بينهم وبين عَكّ وقعة في موضع يقال له «راكة» فهزمتهم عك. ولبني عامرٍ عليهم يوم «القرن» وهو جبل، وفي شعر عامر بن الطفيل العامري إشارات إلى أيام بين عامر وخثعم. وبينهم وبين بني حنظلة من تميم يوم «عاقل» وهو جبل.
وشاركت“خثعم”في الفتنة بين علي ومعاوية، وانقسموا بين الرجلين، وفي العصر الأموي وقع بينهم وبين سلول قتال على موضع يقال له «مطلوب» لاختلافهم على زراعته بالنخل، فأخبر العُجَير السلولي الشاعر هشام بن عبد الملك بذلك، فأخذه منهم جميعاً. وكانت خثعم قتلت همام بن مطرف العقيلي العامري، فأتى ولده «عمرو» نجدة الحروري الخارجي فأظهر له أنه على رأيه، فأرسل معه خيلاً، فأغار على خثعم وأدرك ثأره، ثم وضع السيف في الحرورية!
من أشهر أعلام “خثعم”المذكورين: أبو سفيان أنس بن مدرك الأكلبي، من بني تيم اللات بن مبشّر بن أكلُب، وكان شاعراً فارساً سيداً في الجاهلية، وعَمّر طويلاً فأدرك الإسلام وأسلم، ثم انحاز إلى علي بن أبي طالب.
ومنهم ذو اليدين نُفَيْل بن حبيب الأكلُبي، كان من أدلة الحبشة على البيت الحرام، وله شعر، وزُنير بن عمرو، وهو «النذير العريان» وله خبر، وعتيبة بن الحراب، وعمرو بن أبي الفوارس، وعمرو بن الصعق، وهم جاهليون؛ وعياش بن حنيفة، عباسي كان في اليمامة.
ومن شعرائهم: جَزْء بن عبد الله، وحُمران بن مالك، وكعب بن خُرَيم، وبشر بن ربيعة الأكلبي الذي شهد القادسية، وقال لعمر بن الخطاب بعدها:
أنخت بباب القادسية ناقتي
وسعد بن وقاص علَيّ أميرُ
تذكر هداك الله وقع سيوفنا
بباب قُدَيس والقلوبُ تطيرُ
إذا ما فَرَغنا من قراع كتيبةٍ
دَلَفْنا لأخرى كالجبال تَسيرُ
وإليه تنسب جبانة بشر بالكوفة.
ومنهم: أسماء بنت عميس، من بني قحافة، زوج جعفر بن أبي طالب وأم أولاده، وتزوجها بعد استشهاده أبو بكر الصديق فولدت له محمداً، ثم تزوجها علي فولدت له يحيى، وأختها سلمى بنت عميس زوج حمزة بن عبد المطلب.
ومن رجالهم المشهورين: مالك بن عبد الله من بني قحافة، ولي الصوائف أربعين سنة زمن معاوية ويزيد وعبد الملك، فلما مات كسر على قبره أربعون لواءً، فقال الشاعر:
قصدنا على قبر القحافي مالكٍ
غداة ثوى سُمْر القنا والصفائحا
كما ظل كلٌ قاصداً للوائه
عليه، وعَرْقَبْنا أموناً وقارحا
وأبو نسعة عبد الله بن إياس من بني الفزع، رأس بالشام، وصار ابنه عثمان بن أبي نسعة والياً على الأندلس.