تعرف على أشهر قبائل سلطنة عمان ودورها السياسي
أميرة جادو
تعد سلطنة عمان ثالث أكبر منطقة في شبه الجزيرة العربية، تقع في الربع الجنوبي الشرقي من شبه الجزيرة العربية، وهي من الدول العربية الواقعة في غرب آسيا، وتبلغ مساحتها الإجمالية 309،500 كيلومتر مربع، يمتد ساحل السلطنة لمسافة 3165 كيلومترا، من مضيق هرمز شمالا إلى الحدود مع اليمن.
تطل السلطنة أيضًا على ثلاثة بحار هي بحر العرب وبحر عمان والخليج العربي، وفي الغرب على الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، وفي الجنوب الجمهورية اليمنية وفي الشمال مضيق هرمز، وفي الشرق بحر العرب.
الدور السياسي للقبائل في العصر الحديث
بالنظر إلى تاريخ سلطنة عمان السياسي على مدار 1500 عام الماضية تظهر أنّ القبائل هي حاضنة الدولة، وليس العكس، حيث أن عمان كانت مرتبطة بقوة بالقبيلة الحاكمة خلال مراحل تطورها المختلفة على مر القرون، وحكمت عمان من قبل عدد من القبائل بما في ذلك الأحمد وبني خروس والنبهانة واليعربية والخليلي، ومنذ عام 1744، قبيلة البو سعيد، كما شهدت العلاقة بين الدولة والقبيلة تغيرات كثيرة، لاسيما في المائتي عام الماضية مع وجود عوامل أخرى، علاوة على العديد من المراحل التي أثرت على تلك العلاقة، ومن أشهر قبائل السلطنة ما يلي:
قبيلة النباهنة (1183-1617)
في بداية حكمها، تمكنت القبيلة من بناء نظام سياسي وتحصينات دفاعية للدفاع عن البلاد وحمايتها من سلسلة الغزوات الفارسية، وكان من أهمها الأمير محمود بن أحمد الكوشي من هرمز في 1261، ومع ذلك فإنّ الصراع على السلطة بين زعماء القبيلة، الذين كانوا أيضًا قادة الدولة، أضعف الدولة وقدرتها على صد الهجمات الفارسية المتعاقبة.
وفي عام 1461، تمكن ملك هرمز فخر الدين توران شاه من احتلال عمان ونفي حاكمها سليمان بن مظفر بن سليمان النبهاني إلى منطقة الأحساء، وبحسب ما ذكر في المصادر تاريخية فإنّ أحد العيوب الرئيسية لسيطرة القبيلة على النظام السياسي هو أن السلطة كانت مقتصرة على أفراد القبائل فقط، إلى جانب استشارة بعض علماء الدين.
أوضحت العديد من الكتب التاريخية أنّ السلطنة انزلقت في حرب أهلية نتيجة الخلافات بين أبناء السلطان مظفر بن سليمان النبهاني. إلى جانب ذلك، ساهم الفساد في أوساط أصحاب القرار السياسي وانشغال حكام العشائر بتراكم الثروة في عزل القبيلة الحاكمة عن باقي القبائل، مما أضعف قدرة القبيلة على حماية الوطن من الأطماع العسكرية الأجنبية.
ومن بين أبرز أوجه القصور أو العيوب عند القبيلة هي عدم اهتمامها بتأسيس نظام سياسي ومؤسسات حكم شبيهة بتلك التي أسستها قبيلتا القبيلتان اللتان خلفتهما، حيث كانت النباهنة تنعم بمجد القوة دون أن تولي اهتماماً كافياً للسياسة والتاريخ، ويعتبر ذلك سببًا أساسًا في سلسلة من الغزوات الأجنبية واحتكار السلطة من قبل القبائل الأخرى في عدد من المناطق بالسلطنة.
قبيلة اليعربية (1624-1749)
وحدت قبيلة اليعربية قبائل السلطنة تحت راية الشاب ناصر بن مرشد اليعربي، وأرست أسس حكمها، وكان لرجال الدين العبادي، الذين كانوا على خلاف مع قبيلة النباهنة دور فعال في هذا التوحيد وفي إعلان اليعروبي حاكمًا جديدًا لعمان على عكس أسلافه، كما أنشأ اليعربي نظام حكم قائم على الشراكة مع القبائل الأخرى.
أسست القبيلة مؤسسة قضائية قوية، وأنشأت جيشًا وطنيًا قويًا، وبحلول نهاية عام 1652، طردت البرتغاليين وبدأ في بناء الدولة الأسطول الأول، مما مهد الطريق لصعود الإمبراطورية العمانية التي شملت مناطق من بلاد فارس وشرق إفريقيا، وأسست لاحقًا الحكم العماني في زنجبار، والذي استمر حتى عام 1965.
قبيلة البو سعيد
بدأ حكم هذه القبيلة للسلطنة فيعام 1744، بعد مبايعة مؤسسها أحمد بن سعيد، واستمرت حتى يومنا هذا في عهد السلطان قابوس بن سعيد، حيث ورثت قبيلة البوسعيد العديد من الإنجازات عن قبيلة اليعربية، كان أبرزها دولة ذات حضور قوي على الساحة الدولية ونفوذ سياسي وقوة بحرية قوية وحكم واضح المعالم، علاوة على التفكك الداخلي والصراعات نتيجة الحروب التي اندلعت في نهاية عصر اليعربية وعودة الفرس إلى أجزاء من عمان، خاصة على طول الساحل، وهكذا كان على البو سعيد أن يعمل بجد لتوحيد القبائل ويحافظ على السيطرة ويقوي وصول قبيلته وسيطرتها ويحرر عمان من الفرس.
وبع قرون من العواصم المتعددة، تمكنت القبيلة من لعب دور كبير في ترسيخ مكانة مسقط كعاصمة وطنية، إلا أن الإنجاز السياسي الرئيسي للقبيلة هو قدرتها على الحفاظ على تماسك الإمبراطورية العمانية في جزئها العربي والإفريقي، كما تمكنت قبيلة البوسعيد من تحقيق الوحدة الوطنية والحفاظ عليها على الرغم من فترات الاضطرابات، خاصة في النصف الأول من القرن العشرين وأثناء الانتفاضة القبلية عام 1913.
والجدير بالذكر، تم صياغة دستور مكتوب بعنوان “النظام الأساسي للدولة” في عام 1996، ويعد ذلك أول مرة في تاريخ السلطنة، مما مثل انخفاضًا كبيرًا في الدور السياسي للقبيلة في عام 2011، في أعقاب الاحتجاجات الشعبية التي وصفها الكتاب والناشطون المحليون بالنسخة العمانية للربيع العربي.