حوارات و تقارير
ما هي نية روسيا تجاه منطقة خيرسون الأوكرانية؟
دعاء رحيل
منذ أن بدأ الغزو الروسي لـ أوكرانيا، كانت منطقة خيرسون الواقعة جنوبي أوكرانيا نالت الاهتمام الروسي، وباتت منذ نهاية الأسبوع الأول للحرب أول منطقة تسقط تماما بيد الروس، باعتراف السلطات الأوكرانية.
كما نالت المنطقة -التي توجد شمال شبه جزيرة القرم والتي أعلنت روسيا ضمها من جانب واحد عام 2014- بأهمية ومكانة إستراتيجية كبيرة لدى الروس في حربهم، على ما يبدو، ففيها جسر “قناة الشمال” الذي كان يقطع إمدادات المياه العذبة عن القرم منذ 2014، وتم تدميره فعلا مع بداية الحرب؛ كما أنها تتصل جغرافيا بمناطق حيوية عدة ضرورية كذلك لأي عمليات تقدم لاحقة، بحسب مسؤولين أوكرانيين.
وسرعان ما تحولت قاعدة “تشرنوبايفكا” الجوية في المنطقة إلى نقطة تمركز للقوات الروسية، بما يشمل الطائرات والمروحيات والدبابات وغيرها.
العين على أوديسا
وعقب إعلان روسيا سيطرتها على خيرسون، اشتعلت جبهة على حدود منطقة ميكولايف إلى الغرب منها، التي تتصل جغرافيا بمنطقة أوديسا، وكلتاهما تشكلان إطلالة أوكرانيا الوحيدة على البحر الأسود، بعد “قضم” القرم.
وفي هذا الصدد قال الخبير العسكري في مركز الدفاع الإستراتيجي، فيكتور كيفليوك، أن “هدف روسيا إلغاء إمكانية وصول أوكرانيا إلى البحر الأسود، ووضع أوديسا بين فكي كماشة، بتطويقها من جهة البحر جنوبا، ومن جهة منطقة ميكولايف شرقا، بعد الاستحواذ على الأخيرة”.
استفتاء يمهد لاستقلال
ولكي تضم السيطرة الروسية على خيرسون اتجاهات سياسية واجتماعية واقتصادية بعد العسكرية، كثر حديث المسؤولين الأوكرانيين مؤخرا عن مساع لتكرار سيناريو دونباس فيها.
والجدير بالذكر أن الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي قد أعلن قبل أيام أن روسيا تخطط لتنظيم استفتاء شعبي في خيرسون، على غرار استفتاءات القرم ودونباس عام 2014، بما يمهد لإعلان “استقلالها”، والاعتراف اللاحق بها، على غرار الاعتراف بـ”جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين” في دونباس جنوب شرقي البلاد.
ومن جهته أكد عمدة المدينة إيهور كوليخايف أن “السلطات الروسية تخطط لفرض التعامل بالروبل الروسي، بدءا من بداية شهر أبريل المقبل”، على حد قوله.
ومن ناحية أخري نوه المسؤولين المحليين وفي كييف أن الأمور لا تسير كما يخطط الكرملين لهذه المنطقة، لا على المستويات الشعبية ولا العسكرية.
فمن ذلك أن مدينة خيرسون تشهد بين الحين والآخر مظاهرات مناهضة لـ”الاحتلال الروسي”، في ظل غياب تام لأي مظاهرات مؤيدة له، على غرار ما حدث في القرم ودونباس من قبل.
فيما أن قاعدة “تشرنوبايفكا” الجوية تتعرض بين الحين والآخر لقصف أوكراني، إذ تؤكد هيئة الأركان الأوكرانية أنه تم تدمير أعداد كبيرة من مروحيات وآليات القوات الروسية، مما دفعها لإخلاء القاعدة.
فضلا عن أن جبهة ميكولايف تعد -حاليا- واحدة من أعنف جبهات القتال الدائرة في أوكرانيا، و”القوات الروسية تتكبد خسائر فادحة فيها، ولن تدخلها”، بحسب عمدتها، فيتالي كيم.
حصار و”عمليات مضادة”
ووفقا لـسلطات العاصمة كييف، فإن “الممانعة الشعبية” أدخلت خيرسون ضمن قائمة المناطق المحاصرة لإخضاع السكان، وهي قائمة تشمل أيضا مناطق ومدن تشيرنيهيف وسومي وخاركيف، إضافة إلى المناطق الخاضعة للسيطرة الأوكرانية من منطقتي لوغانسك ودونيتسك، بما فيها مدينة ماريوبول.
يذكر أن تدخل جبهة خيرسون ضمن جبهات قد أعلنت فيها هيئة الأركان الأوكرانية عن “هجمات تحرير مضادة”، مؤكدة أن المعارك مع القوات الروسية مشتعلة على عدة محاور بالمنطقة، في حين لا تزال مدينة خيرسون نفسها تحت السيطرة الروسية.
كما أفاد مسؤول في البنتاغون الأميركي لصحيفة “نيويورك تايمز” (New York Times)،بأن “أي نجاح أوكراني في استعادة خيرسون سيكون ضربة قوية للمجهود الحربي للسيد بوتين، يجعل من الصعب على روسيا متابعة أي خطط للسيطرة على ساحل البحر الأسود الأوكراني، وعلى ميناء مدينة أوديسا في الجنوب”.