قبائل و عائلات
نفوسة..مجموعة من القبائل التي تقطن الجبل الغربي في ليبيا
دعاء رحيل
يعد نفوسة أو أنفوسن بالأمازيغيّة هو الإسم التّاريخي الذي أطلق على مجموعة من القبائل التي تعيش في الجبل الغربي لمدينة طرابلس في ليبيا. وقد ارتبط إسمهم بالمذهب الخارجي وخاصّة في شكله الأباظي، كما اقترن وبأهمّ الثّورات التي قادها أصحابه بالشّمال الإفريقي منذ بدايات التّاريخ الإسلامي للمنطقة. وهي ثوراتٌ قادها ولاة بني أُميّة وتبنّوا المذهب الخارجي كركيزةٍ شرعيّةٍ للإحتجاج ولتشكيل خلافاتٍ غير قرَشيّةٍ.
مجموعات قبلية
يحتوي الجبل على ثلاث مديريّات تنتمي إليها معظم الفِرَق الإجتماعية التّي تمثل هذه المجموعة القَبَليّة، وهي مديريّة يفرن وفوسطاو ونالوت، وقد يضاف إليهم في بعض الأحيان القسم الشّرقي الذي تُشكّله مديريّة ترهونة ومسلاتة. ويوجد وصفٌ دقيقٌ لأهمّ طرق وقصور المديريّات الثّلاث في المؤلّف الذي وضعه الفقيه إبراهيم بن سليمان الشّماخي في نهاية القرن التّاسع عشر بالأمازيغية، وذلك بطلبٍ من المستمزغ الفرنسي موتلنسكي الذي قام بنشر ترجمةٍ فرنسيّةٍ له بباريس، سنة 1898.
ملحمات القبائل اللّيبية
ولم نجد في كتب التّاريخ الإسلام بشمال إفريقيا اسم قبيلة نفوسة ذكرًا في كتب المؤرّخين والرّحالة الإغريق والرّومان، وذلك رغم انكباب هؤلاء لظروفٍ سياسيّةٍ خاصّةً على سرد ملحمات القبائل اللّيبية ووصف عاداتها وتقاليدها وتصنيف أسمائها. وربّما يعود هذا إلى البنيات الأثنونيميّة المُتغيّرة والتي توافق منطق التّحالفات المُتجدّدة مع الظّرفيات المتغايرة. وهكذا يمكن أن نفترض أنّ الإسم انبثق في فترةٍ متأخّرةٍ من كتابة مدوّنات القبائل الإغريقية واليونانية ليدلّ على واقعٍ جديدٍ تقتضيه المرحلة.
فأوّل ذكرٍ لنفوسة في الخطاب التّاريخي يرجع إلى الأخبار عن احتلال مدينة طرابلس من قِبَل عمرو بن العاص في أواسط القرن السّابع الميلادي. فابن عداري المراكشي هو أوّل مَن تحدّث عن استنجاد سكّان طرابلس بقبيلة نفوسة أثناء حصارها من قِبَل الفاتح عمرو بن العاص في سنة 22 للهجرة. وقد نَقَل الخبر نفسه عن مصادر سابقةٍ له الرحّالة التّيجاني وذلك بقوله لدى وصفه لزيارة طرابلس: “وكان افتتاح طرابلس في القديم على يد عمرو بن العاص وذلك في سنة اثنين وعشرين. سار إليها في جيشه فنزل على شَرَفها في الجهة الشرقية وأقام عليها شهرًا لا يقدر منهم على شيء وقد كانوا استعانوا بقبيلةٍ من البربر يُعرَفُون بنفوسة”.
علاقة النفوسيين بمدينة صبراتة
وهو ما دفع بعمرو بن العاص إلى تجنيد فرقةٍ من الفُرسان للغارة على مدينة صبراتة للإنتقام من النّفوسييّن. وهي إشارةٌ تدفعنا إلى التساؤل عن علاقة النّفوسيين بمدينة صبراتة الشّاطئية. فبعض المؤرّخين الأوائل يعتبرون منطقة جفرة الواقعة في غرب طرابلس والتّي تمتدّ من الجبل إلى الشاطئ من المجال التّرابي النّفوسي. وهو ما يفسّر كذلك وصف ابن خلدون لمدينة صبراتة بمدينة نفوسة أو بعاصمتها. وهو الوصف نفسه الذي استخدمه الباشا الباروني في بداية هذا القرن. ونجد أصداءً لهذا الإمتداد المجالي لقبيلة نفوسة في الذّاكرة السّلالية لبعض القبائل المستعربة في المنطقة والتّي ترجع بأصولها إلى قبيلة نفوسة.
وكذا في إشارةٍ ضمّنها ابراهيم بن الحاج عيسى كتابه حول حياة الباشا “سليمانن الباروني”، إذ يقول هذا الأخير: “كما تلفّ مفتاح مدينة زواغة (صبرة) عاصمة الجبل على البحر في أعصرٍ مَضَت، فإنّها كانت عند عائلةٍ في فوسطا ومن قبيلة أولاد السّلطان، كان جدّهم حارس باب المدينة وكان هو آخر من انتقل من زواغة إلى الجبل على ما يُقال، وهي من جديدٍ جميلة الشّكل والصنع”.