تاريخ ومزارات

«توشويت».. تعرف على الأسماء القديمة لـ سيناء في التاريخ

دعاء رحيل

عرفت سيناء على الآثار المصرية باسم “توشويت” أي أرض الجدب والعراء، وعرف أهلها في الشمال باسم “هیروشايتو”، أي أسياد الرمال. ونسبوا إلى جنس «الآمو، المعروف عندنا بالجنس السامي، وعرف أهلها في الجنوب باسم “مونيتو”.

وكان المونيتو والهيروشايتو متشابهين في الهيئات والملابس والعيشة البدوية. وقد دلت صورهم الباقية على الآثار إلى اليوم أن هيئاتهم في تلك العصور الخالية تقرب جدا من هيئات بدو سيناء في هذه الأيام. وكانوا يمشون حفاة ويشدون أوساطهم بالأحزمة ویتردون بالأعبئة، وسلاحهم القوس والنبل والحرية والنبوت والسكين والفاس والترس، وكانوا يقتنون قطعانا من الأغنام. أما الجمل والحصان فلم يكونا معروفين عندهم. كما أنهما لم يكونا معروفين في مصر، وكان معظم طعامهم ألبان المواشي وأثمار النخيل، ويشتغل بعضهم بالزراعة فيسكنون جوار الينابيع والآبار. ويزرعون ما خصب من الأرض على قلته، وينشئون الحدائق من النخيل والتين والزيتون والكرم، ولم يكن يكفيهم محصول أرضهم فكانوا ينتابون أسواق شرقي مصر وجنوب سوريا يبيعون فيها العسل والصوف والصمغ والمن والفحم من محصول صحرائهم. ويأتون منها بما أعوزهم من الحبوب والملابس على نحو ما يفعل بدو هذه الأيام والتاريخ يعيد نفسه).

 

وفي أخبار المصريين القدماء أن أولئك الأقوام كان يغرهم خصب مصر. فكانوا كلما سنحت لهم فرصة غزوا أطرافها الشرقية فنهبوا وسلبوا وعادوا إلى صحرائهم. وذلك منذ بدء التاريخ حتى قيل إن الآلهة كانت تحتاط لنفسها من غزواتهم.

 

وكان يحول بينهم وبين مصر خليج السويس من الجنوب، وبحيرة الطينة من الشمال. فلم يكن لهم منفذ إلى مصر إلا ثغرة بين هذين التخمين تؤدي إلى الوادي المعروف الآن بوادي الطميلات. وكان المصريون يحضنون تلك الثغرة بصف من القلاع والأبراج كالتي نرى خرائبها إلى اليوم على ضفتي النيل. وقيل إنهم في زمن من الأزمان حضنوها بسور منيع امتد من رأس خليج السويس إلى الطينة.

وفي الماضي كان حراس الأبراج والقلاع يولون وجوههم جهة الصحراء. حتى إذا ما أحسوا بغزاة البدو أيقظوا الحامية وانقضوا عليهم كالنسور. فكان البدو يترقون غفلة من الحراس فيخترقون خط القلاع متوارين بحزون الأرض. فينزلون على بلدة أو أكثر يختطفون كل ما وصلت إليه أيديهم من نساء وأولاد ومتاع. وينقلبون راجعين إلى الصحراء.

الفراعنة

وكان الفراعنة كلما كثر غيث البدو؛ وهوا حاكم الشرقية أو ذهبوا هم أنفسهم بجيش صغير وانتقموا منهم. وأول من اشتهر بغزوهم من الفراعنة الملك سنفرو من ملوك الدولة الثالثة. وقد بنی وجدد القلاع والأبراج في الثغرة الشرقية زيادة في التحصن منهم. ولكن غزاهم قبله ملوك مصر منذ عهد الدولة الأولى.

 

وكان البدو يمتنعون في معاقل الجبال ومنعطفات الأودية. فيبنون فيها أبراجا من الحجر الغشيم أسطوانية الشكل أو بيضية بأقراص مخروطية كقفير النحل. وهي المعروفة عند بدو هذه الأيام «بالنواويس». وكانوا يدافعون فيها بثبات وصبر على رجاء أن مهاجميهم يعوزهم الماء والزاد فيرتدون عنهم.

 

وكانت منازل أولئك البدو أكواخا من الحجر الغشيم يجعلونها صفا في دائرة فيسكنون فيها هم وعيالهم، ويجعلون مواشيهم في الوسط، ثم يحيطون دائرة الأكواخ بزرب متين من الحجر وأغصان الشجر «كدوارات البدو في هذه الأيام.

 

وما زالت آثار أبراجهم ومنازلهم باقية في سيناء إلى اليوم كما قدمنا، ولكن تلك الأبراج والمنازل وإن كانت مثيعة على البدو لم تكن لتثبت طويلا في وجه الغزاة المصريين المجهزين بجميع معدات الهجوم، وكثيرا ما كان المصريون يدكونها إلى الأساس، ويعيثون بأرض البدو فيقطعون أشجارهم المثمرة ويحرقون زرعهم ويعودون إلى مصر، فكانت الحملة الواحدة في أيام معدودة تصد البدو عن مصر عدة سنين (ا. ملخصا بتصرف عن فجر العمران للأثري الشهير مسبرو).

 

وذكر العلامة هسكنز الأميركي في كتابه النفيس من النيل إلى نبو»: «أن قد وجد حديثا في «سوسة» في خرائب مملكة بابل نصب تاريخي دلت ترجمته التي نشرت سنة ۱۹۰۷ أن سيناء كانت تسمى قديما أرض “مجان”، وأن «ترام سين غزا مجان سنة ۳۷۵۰ ق.م فقهر صاحبها «مانيوم»، وحمل إلى عاصمته «عقادي» قطقا من حجرها المعروف بحجر الحية Green Diorite فصنع منها تماثيل لنفسه ونقش على قاعدة أحدها خبر هذه الغزوة.

 

 

ولعل مدين، الاسم الذي عرفت به سيناء عند مؤرخي العرب محرف عن اسم «مجان» المذكور في هذا الأثر البابلي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى