المزيد

«أنفاق قناة السويس».. معجزة تنموية أعادت الحياة إلى أرض سيناء

إعجاز هندسي تحدى فيه المصريون الزمن.. ويستهدف الاستفادة القصوى من الموارد الطبيعية بأرض الفيروز

أسماء صبحي

الإرادة السياسية.. كانت وما زالت كلمة السر في إنهاء حالة الجمود والإهمال التي عانت منها عملية التنمية في سيناء والتي استمرت لعقود وسنوات طويلة عانى خلالها مواطنوها الأمرين بسبب انعدام كل مقومات الحياة، على الرغم من امتلاكها لكل الموارد التي يمكن من خلالها أن تصبح تلك البقعة الغالية من أرض مصر جنة تتباهى بها مصر أمام جميع دول العالم.

حالة التهميش التي استمرت لعقود سابقة كان أبرز أسبابها هو عدم توافر الموارد اللازمة لتنميتها، بالإضافة إلى عدم وجود إرادة سياسية حقيقية من جانب الأنظمة المتعاقبة لتحقيق هذا الهدف، مما تسبب في تسلل العناصر الإرهابية إليها وتكوين التنظيمات المتطرفة خاصةً خلال فترة تولي جماعة الإخوان الإرهابية سدة الحكم في أعقاب ثورة 25 يناير، إلا أن سيناء تشهد الآن صحوة تنموية واسعة لم تشهدها من قبل إلا في عهد الرئيس عبدالفتاح السيسي، وتهدف إلى تحسين الظروف المعيشية للمواطنين من خلال استغلال كل الموارد المتاحة ووضع سيناء في مصاف المناطق الجاذبة للاستثمار، بما ينعكس على القضاء على الإرهاب والتطرف الفكري كنتيجة حتمية للبناء والتعمير، وهي العملية التنموية التي تشارك فيها كل أجهزة الدولة تحت إشراف القوات المسلحة.. نستعرض في هذا التقرير معجزة الأنفاق وما ستحققه من أهداف..

 

الهدف من الأنفاق

اعتمدت خطة تنمية سيناء والتي بدأت تظهر بوادرها على أرض الواقع على إنشاء البنية الأساسية من خلال “أنفاق قناة السويس” والتي تهدف إلى ربط سيناء بمدن القناة “السويس – الإسماعيلية – بور سعيد” وهي مكونة من خمسة أنفاق تمتد أسفل قناة السويس، وتتضمن اثنين في بورسعيد، واثنين في الإسماعيلية، ونفقا موازيا لنفق الشهيد أحمد حمدي، وجميعها تصل إلى سيناء ذهابًا وإيابًا في مدة زمنية تتراوح بين 15 و20 دقيقة؛ حيث تمثل هذه الأنفاق حلقة وصل جيدة إلى المنطقة الاقتصادية لقناة السويس.

ويهدف المشروع إلى تسهيل حركة عبور الأفراد والتجارة من وسط العاصمة ومدن القناة إلى سيناء مباشرة؛ حيث تم ربط نفقي بورسعيد بمجموعة من الممرات العرضية التي تستخدم لحالات الطوارئ، بجانب اللوحات والأسهم الإرشادية للسيارات وأماكن الممرات وطفايات الحريق، كما تم الانتهاء من أجهزة الكشف والمراقبة، وذلك بمشاركة نحو 6000 عامل ومهندس مصري من كبرى شركات المقاولات المحلية تحت إشراف الهيئة الهندسية للقوات المسلحة والخبير العالمي المصري المهندس هاني عازر.

 

توفير فرص استثمار جديدة

يقول  اللواء محمد عبدالواحد، خبير الشئون الإفريقية والأمن القومي: إن أنفاق السويس الجديدة تُعتبر إعجازا هندسيا سابق فيه المصريون الزمن، لافتًا إلى أن هذا المشروع يأتي في إطار استكمال خطة الدولة الطموحة التي تستهدف العمل على دعم مناخ التنمية والاستثمار بسيناء واستغلال موقعها الفريد وتحقيق الاستفادة القصوى من الموارد الطبيعية بها، إلى جانب تعظيم فرص الاستثمار بها في مجالات الصناعة والزراعة والسياحة والتي تحتاج لتسهيل حركة النقل وتوفير الخدمات اللوجيستية.

وأضاف عبدالواحد، أن هذه الأنفاق ستعمل على توفير فرص استثمار جديدة بصحراء شبه جزيرة سيناء، مشيرًا إلى أنه من خلال تلك الأنفاق سيتم ربط سيناء بالدلتا عن طريق بورسعيد والتي تصل إلى شمال سيناء، أما أنفاق الإسماعيلية فتصل إلى وسط سيناء، كما تهدف الأنفاق إلى تشجيع المواطنين في محافظات شرق الدلتا على الانتقال إلى سيناء والمساهمة في إحداث تنمية وتخفيف الكثافات بالمدن القديمة.

 

تمنع عودة الإرهاب

بينما أكد العميد سمير راغب، الخبير الأمني، أن مشروعات أنفاق قناة السويس الجديدة جاءت بعد أن نجحت القوات المسلحة المصرية في القضاء على معظم البؤر الإرهابية في سيناء، وتوجهت أنظار الإرادة السياسية إلى ضرورة تنمية سيناء لمنع عودة الإرهاب إليها مرة أخرى، مشيرًا إلى أنها تُعتبر الأكبر من نوعها في تاريخ الدولة المصرية وعلى مستوى الشرق الأوسط والعالم وذلك من حيث الأطوال والأقطار وحجم الأعمال، والخطة الزمنية القياسية التي تم تنفيذها خلالها، خاصةً وأنه لم يكن هناك محاور للربط بين سيناء والوادي إلا نفق وحيد هو نفق الشهيد أحمد حمدي، إضافة إلى جسر السلام في مدينة الإسماعيلية والمعديات، ولكنهما محوران لم يستوعبا حجم الحركة والنقل من وإلى سيناء.

وأضاف راغب، أن تلك الأنفاق ستفتح آفاقًا جديدة للبناء والتعمير واستصلاح الأراضي في سيناء، فضلا عن تكاملها مع المشروع القومي لمحور قناة السويس والمنطقة الاقتصادية من كل الجوانب التجارية واللوجيستية والاستثمارية، مما يحقق عوائد اقتصادية ضخمة، ويساهم في سرعة تنمية سيناء واكتشاف واستغلال ثرواتها، وربطها بباقي محافظات مصر.

 

 

استقرار الوضع الأمني

كما أكد اللواء جمال مظلوم، الخبير العسكري والاستراتيجي، أن سيناء عانت من التهميش على مدار سنوات طويلة بسبب عدم وجود إرادة سياسية لدى الحكومات المتعاقبة للعمل على تنميتها إلا من خلال محاولة واحدة من الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك في الثمانينيات، لكنها تعطلت لعدم وجود بنية تحتية وموارد مائية في تلك الصحراء، وظلت سيناء مهملة منذ ذلك الحين ما عدا بعض الأنشطة السياحية في أقصى جنوب سيناء على ساحل البحر الأحمر، مما تسبب في تحول صحراء سيناء وخاصة في الشمال منذ بداية الألفية الثانية إلى معقل للخارجين عن القانون وأيضًا الجماعات المتطرفة مثل تنظيم القاعدة وصولا لتنظيم “ولاية سيناء” التابع لـ”داعش” الإرهابي.

وأضاف مظلوم، أن سيناء بدأت في عهد الرئيس عبدالفتاح السيسي استعادة عافيتها بعدما تمكنت القوات المسلحة المصرية من القضاء على الإرهاب وأصبح الوضع الأمني أكثر استقرارًا مع استمرار اتخاذ كل التدابير الأمنية، مشيرًا إلى أن البيانات الصادرة عن القوات المسلحة تظهر انخفاضًا في وتيرة العمليات الإرهابية التي يشنها التنظيم نتيجة للمداهمات الأمنية وهزائمه المتتالية على يد أبطال الجيش والشرطة المصرية، وهو ما جعلها فرصة سانحة للحكومة لإكمال خطتها وبدء تنفيذ مشروعاتها، ومن أهمها افتتاح أنفاق قناة السويس والتي تهدف في المقام الأول إلى ربط شبه جزيرة سيناء ومدن القناة بكل أنحاء الجمهورية.

الارتقاء بالوضع الاقتصادي

كما أكد الدكتور أحمد أبو علي، الخبير الاقتصادي، أن مشروعات أنفاق قناة السويس الجديدة تُثبت مدى اهتمام الدولة المصرية بتنمية سيناء وإعادتها إلى مكانتها السياحية والاستثمارية من خلال ربطها بمدن القناة والمنطقة الاقتصادية، لافتًا إلى أن شبكة النقل التي يتم تدشينها داخل سيناء الآن، تهدف إلى توفير بيئة جديدة والاهتمام بها، بالإضافة إلى وجود استثمارات ضخمة يتم تفعيلها من أجل زيادة السعة الاقتصادية.

وأضاف أبو علي، أن التنمية التي حدثت مؤخرًا في سيناء ستقضي على جذور الإرهاب وتمنع عودته إليها مرة أخرى، كما أن تلك الأنفاق ستلعب دورًا هامًا في الارتقاء بالوضع الاقتصادي في سيناء بشكل خاص وفي مدن القناة والدولة المصرية بصفة عامة، موضحًا أن التنمية الحقيقية تتطلب شبكة طرق قوية وهذا ما يحدث الآن.

 

 

 

التنمية الشاملة

كما أكد الدكتور كريم العمدة، الخبير الاقتصادي، أن إنشاء أنفاق قناة السويس الجديدة يمثل نقلة نوعية لمدن القناة وربطها بمحافظات سيناء، خاصةً وأن المشروع جاء في التوقيت المناسب، لأنه أعاد التكاتف بين المصريين بكونه مشروعًا قوميًا يمثل أهمية كبيرة لدى الشعب المصري على مدار التاريخ، وتزامن معه مشروع المنطقة الاقتصادية لإقامة حياة جديدة في هذه المنطقة، وإقامة مجتمعات عمرانية متكاملة على ضفاف قناة السويس، لافتًا إلى أن أنفاق قناة السويس تُعتبر أولى الخطوات لتنفيذ مشروع عملاق وعظيم في المنطقة.

وأضاف العمدة، أن هذا المشروع سيدر أرباحًا طائلة على الدولة المصرية تُقدّر بالمليارات، كما سيعود بالتنمية الشاملة على سيناء، لافتًا إلى أن طرح وتأسيس تلك الأنفاق تأخر كثيرًا؛ حيث كان من المفترض أن يتم إنشاؤها منذ أكثر من ثلاثة عقود مضت، ولا شك أن ما تمثله سيناء الآن من منطقة جذب لكل أنواع الاستثمارات الأجنبية بسبب موقعها المتميز في منطقة الشرق الأوسط، بالإضافة إلى اهتمام الإرادة السياسية الحالية بها، منحها ميزة تنافسية كي تتحول إلى منطقة اقتصادية عالمية أخرى داخل مصر، وتكون مسارًا كبيرًا لتحرك التجارة والاستثمار منها.

 

جدوى اقتصادية كبيرة

ويقول الدكتور علاء رزق، الخبير الاقتصادي: إن تنفيذ مشروع أنفاق قناة السويس الجديدة كان ضرورة مًلحة للدولة والشعب المصري على حد سواء، وسيكون له جدوى اقتصادية كبيرة، لافتًا إلى أن سيناء تشهد حاليًا نقلة كبيرة على مستوى البنية التحتية خاصةً بعد إنشاء تلك الأنفاق لتسهيل التنقل بين سيناء ووادي النيل والدلتا.

وأضاف رزق، أن “أرض الفيروز” مليئة بالكثير من الفرص الواعدة مثل صناعات الدواء؛ حيث تنتشر بها أنواع عديدة من النباتات الطبية الطبيعية، موضحًا أن تلك النقلة الكبيرة في البنية التحتية بحاجة إلى أن تترجم إلى فرص استثمارية ومشروعات صغيرة حتى يشعر بها أهالي سيناء، والأيام المقبلة ستثبت مدى قدرة النظام الحالي على إكمال خطته في التنمية والتطوير.

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى